فيعامل بنقيض قصده في الدنيا ويفضح ولو في لحن القول, وأما في الآخرة فالفضيحة أعظم وأشنع لأنها على رؤوس الأشهاد ففي الحديث: من سمع الناس بعمله سمع الله به يوم القيامة وصغره وحقره.
ثالثا: معرفة مداخله طلبا للوقاية كما في سؤال حذيفة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن مداخل الشر كله خشية الوقوع فيها.
رابعا: إخفاء الأعمال التعبدية خاصة النوافل منها, قال تعالى في الصدقات: {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} وقد كان السلف كذلك يفعلون, يقول الحسن البصري: لقد أدركنا أقواما لا يستطيعون أن يسروا من العمل شيئا إلا أسروه.
خامسا: تذكر الموت وسكراته، والقبر وظلمته، ويوم القيامة وأهواله. يقول صلى الله عليه وسلم: أكثروا من ذكر هادم اللذات: الموت.
سادسا: وأعظم هذه السبل الالتجاء إلى الله عز وجل بالاستعانة والاستعاذة به والدعاء, فعن أبي علي رجل من بني كاهل قال خطبنا أبو موسى الأشعري فقال يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقام إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقال والله لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر مأذونا لنا أو غير مأذون فقال بل أخرج مما قلت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال له من شاء الله أن يقول وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله قال قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه.
سابعا: السعي لتحصيل الإخلاص الصادق, فإن الإخلاص وحب المدح والثناء لا يجتمعان في قلب مؤمن قط, يقول ابن القيم: فإن قلت: وما الذي يسهل عليّ ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح؟ قلت: أما ذبح الطمع فيسهل عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلاّ وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره, ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه, وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهل عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين, ويضر ذمه ويشين إلاّ الله وحده, كما قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنّ مدحي زين وذمّي شين" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الله عز وجل".
فازهد في مدح من لا يزينك مدحه وفي ذم من لا يشينك ذمه وارغب في مدح مَن كُل الزّين في مَدحِه وكُل الشين في ذمه, ولن يقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب قال تعالى {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} وقال تعالى {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}.
بقلم شيخنا ابو وائل سمير مرابيع وفقه الله