تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أو عصبية أو رئاسة أو ارتزاق يلزمه عند الله ذنب ما صدر عنه من كفر أو بدعة، وأما في الدنيا فلا نشهد لأحد بجنة أو نار، بل نرجو للمحسن الثواب، ونخاف على المسيء العقاب، ونعرف ما هو إيمان وكفر، وما هو سنة وبدعة.

وللإخلال بالموازين التي أسلفتها تجرَّأ بعض المعاصرين على الصحابة رضي الله عنهم، مضمرين العقيدة على أنهم على العصمة من الخطأ والذنب، ولم يُفَرِّقوا بين ذنب قد يغفره الله وهو لا يقدح في عدالة روايتهم وصدق فتياهم في تحري الحق .. وبين ذنب فيه تعمُّد تغيير دين الله، وهذا لم يكن أبداً؛ لأن الله حفظ دينه، وجعلهم واسطة نقله، وهيَّأ للقرون الثلاثة الأولى معرفة أحوالهم وتدوينها .. وأقبح هذه الكتب المعاصرة كتاب (شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة) لخليل عبدالكريم .. وأما من كفَّروا الصحابة رضي الله عن الصحابة ولعن الله إلى الأبد من كفَّرهم، وطرحوا روايتهم التي لا يتم بلاغ الدين ولا فهم القرآن إلا بها من ضحايا عبدالله بن سبإ ومتأسلمة عبدة النار فتبديلهم لدين الله معروف يُثبته الواقع الملموس؛ فهم يأتون إلى قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (آل عمران 144)؛ فيقال لهؤلاء الأغيار: لقد وقعتم في عنق الزجاجة الخانق من وجوه كثيرة، ولزمكم الانسلاخ من الملة بما تعجز عنه عقولكم الخاسئة:

فالوجه الأول: أن نصوص الشرع لا تُفسَّر إلا بلغة العرب؛ لأن الشرع جاء بلسان عربي مبين، ومن فسَّر الشرع بغير اللغة التي نزل بها فقد افترى على مُنَزِّل الشرع سبحانه، ومن فسر كلام إنسان بغير اللغة التي نطق بها فقد افترى عليه إلا إن كان مُلْغزاً، ولا ألغاز في شرع الله .. وأنتم تفسرون نصوص الشرع بغير دلالة من لغة العرب، وبلا برهان شرعي يدل على أن تفسيركم هو المراد.

والوجه الثاني: أن اتصال الخبر إلى رسول الله باتصال العدول ليس موجوداً عندكم لعلكم تُظهرون شيءاً من صحة دعاواكم الميتافيزيقية الخرافية الكاذبة، وأَّنى لكم ذلك؟! .. والإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال مَن شاء ما شاء، كما أن توثيق الرواة، وتحقيق اتصال السند بجهدٍ لحوحٍ جماعي مفقود عندكم، بل عِلم الرجال عندكم مهزلة أيما مهزلة، ولا أفقر من العلم بحال الرواة لديكم، والتاريخ اليقيني المتواتر والرجحاني شاهدان بكذب توثيقكم وتجريحكم.

والوجه الثالث: أن الآية الكريمة نزلت في يوم أحد، وهي شاملة الدلالة؛ ولهذا احتج بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وقعت كارثة أُحد بانشغال الرماة في جمع الغنائم اجتهاداً منهم، فاستحرَّ القتل في المسلمين، وثبت رسول الله ومن معه من خيار الأمة، ودخل الوهنُ مَن انهزم ظانَّاً أن محمداًقُتل خائفاً من تغلُّب كفار قريش، ومنهم من لم يصبر للمواجهة في هذا اليوم العصيب دون شك في دينه، وقد عفا الله عنه .. وبعد أن توفَّى الله عبده ورسوله محمداًحدثت رِدَّة عند بعض الأعراب، وحدثت معصية عند بعضهم بمنعهم دفع الزكاة للإمام، وهم الأعراب الذين ذكر الله حال بعضهم في سورة التوبة .. هذا حق لا ننكره نزل بلسان عربي مبين قطعي الثبوت، ولكن يقال لهؤلاء الأغيار: أخبرونا عمن قاتل هؤلاء الذين اقترفوا ردة، والذين اقترفوا معصية من غير جحد للوجوب، ومن الذي أدخلهم من الباب الذي خرجوا منه؟؟ .. أليسوا هم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين تلعنونهم وتكفرونهم؟ .. إنهم والله السلف الأول وأتباعهم الذين بايعوا الشيخين والخليفة الثالث الراشد عثمان رضي الله عنه .. ثم حدثت الفتنة، والعمل الظلامي الذي وقعتم في شَرَكِه فثنَّيتم بقتل عثمان رضي الله عنه، وشغلتم المسلمين فكان القتالُ بينهم، وما جعلتم الأمر يستقر للخليفة الراشد علي رضي الله عنه فخذلتموه وانشققتم عليه، وشُغل باستصلاحكم والبطش بمن ظهرت زندقته .. ثم آل الأمر إلى مُلْك رحمة في عهد بني أمية، ومع قصورهم الكبير عن سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جمعوا بين الحسنيين؛ فأشعلوا الحرب ضد الخوارج وضد من خذلوا علياً وقتلوا عثمان رضي الله عنهما .. ومع هذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير