تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والوجه السادس: ما بالكم أخزاكم الله تَبْعَرون بَعْراً أمام نصوص التاريخ الناصع نصوع الشمس عن خارطة إسلامية معروفة باللمس والمشاهدة لم يُساهم في احتوائها واحد من أهل نحلتكم، ثم تقولون: الدين لم يظهر بعد .. أي سيظهر عند قيام الساعة؛ فلعلكم تعنون المسيح الدجال لعنه الله وأتباعه منكم؟! .. وما لكم بكل صفاقة وجه يتجعَّد قبل الأشدِّ كذَّبتم ربكم جهاراً؛ إذ قال سبحانه مخاطباً المسلمين (وقادتهم الصحابة رضي الله عنهم وقت التنزيل، وهم تحت إمامة عبدالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم): {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (سورة المائدة 3)؛ فقلتم: لم يكمل الدين بعد، ولم تتم النعمة .. وتنتظرون عند قيام الساعة بقيَّة الوحيِ عند صبيٍّ مات، وكذبتم على ربكم بلا برهان من الشرع بلغة العرب؛ فزعمتم أن الوحي انتهى إلى هذا الصبي؟!.

قال أبو عبدالرحمن: وإذْ أسلفتُ التنغيص على عليٍّ رضي الله عنه فإنني ذاكر ههنا أن علياً رضي الله عنه المُشْربَ نورَ النبوة، ذا السوابق، الفقيه، الشجاع: تولى الأمر على وهنٍ في واقع الأمة إلى مذاهب، وادَّعى الظلاميون أنهم أنصاره رضي الله عنه فخذلوه أكثر من مرة، وأحبطوا سياسته الراشدة أكثر من مرة، وهو مُقَدِّم الديانة على السياسة - ولا رأي لمن لا يُطاع -، ومع هذا ظل مجاهداً، ولم يفرح معاوية رضي الله عنه بالأمر في عهده على الرغم مما يعانيه عليٌّ رضي الله عنه من الفرقة والعناد في جيشه بفعل وتضليل الكائدين للإسلام من أهل الكتاب ووثنيِّي الشعوب المغلوبة كالمجوس المحتفلين بمقتل عمر رضي الله عنه وذِكْرى أبي لؤلؤة المجوسي لعنه الله، ووقوع غير التابعين بإحسان في شرك التضليل .. وهذا الخذلان للإسلام وأهله مِن قِبَلِكم نتيجةٌ حتميَّة لنحلتكم الظلامية التي قامت لإحداث الشتات بين المسلمين .. اذكروا الفاطميين وأسد أهل الإسلام صلاح الدين رضي الله عنه .. اذكروا استقدام وثنيِّي التتار ورفيقَيْكم ابن العلقمي وعدو الدين الطوسي .. أذكروا هيضة البرتغال ودور الصفويين، واذكروا دورهم مع أهل الكتاب ضد الخلافة الإسلامية .. ومعاوية رضي الله عنه طالب علياً رضي الله عنه بأمر غير مشروع، وهو الثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه؛ فكيف يتم لعلي ذلك، ولم يدخل معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم بأهل الشام ومصر بأداء البيعة الواجبة أولاً، ليتَّحد الصف وتقوى الشوكة، ثم بأي شرعٍ تكون المطالبة بالبحث عن الجاني للاقتصاص منه مقدمةً على البيعة، وقد بايع أهل الحل والعقد رضي الله عنهم؟! .. فما كان في هذه الفتن من معصية غير مخرجة من المِلَّة ليست عن اجتهاد صحيح، أو دعوى اجتهاد: فهو موزون بميزانين:

الميزان الأول: أن المحاربين لعلي رضي الله عنهم: إما فئة مسلمة ولكنها باغية؛ فيجب قتالها حتى تفيء .. وإما فئة مُضَلَّل بها على بدعة يجب محاجَّتها ثم قتالها حتى تفيء، وهذا ما فعله علي رضي الله عنه، وإما مدَّعون الإسلام فقبلهم علي رضي الله عنه تاركاً سرائرهم إلى الله مع كثرة تعنيفه لهم في خُطبه؛ لما يراه من انشقاقهم وعنادهم وعصيانهم، وهو رضي الله عنه بسبيل استقصاء الكائدين للملة من الكتابيين والوثنيين، ولم يمهله القدر رضي الله عنه وإن كان بطش ببعضهم، والله المستعان.

وكتبها لكم: أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري - عفا الله عنه -

الجزيرة: الجمعة 28 ذو القعدة 1431 العدد 13917

http://www.al-jazirah.com.sa/2010jaz/nov/5/ar7.htm

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير