[مداخلة مع الشيخ المنجد]
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[10 - 11 - 10, 09:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
عمارة الأرض وعبادة الله
مداخلة مع فضيلة الشيخ محمد المنجد بخصوص ثنائه على الشيخ إبراهيم السكران
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن أحبه واتبع هديه، وبعد:ـ
استمعت لمقطع لفضيلة الشيخ محمد المنجد ـ حفظه الله ـ يثني فيه على الشيخ إبراهيم السكران ـ حفظه الله ـ، ويتحدث عن عمارة الأرض وعبادة الله. وهذا رابط المقطع المقصود.
وزاحم بعضُ ما ورد في كلمة الشيخ ـ حفظه الله ـ بعضَ ما في حسي من تصورٍ عن عبادة الله وعمارة الأرض، فأمسكت قلمي أعرض ما عندي.
يتساءل الشيخ ـ حفظه الله ـ: هل الله خلقنا لعمارة الأرض أم لعبادته؟
ماذا لو تعارضت عمارة الأرض مع عبادة الله؟
هل العبودية تنافي عمارة الأرض؟.
وأجاب ـ حفظه الله ـ بأن العبودية لا تنافي عمارة الأرض، والأصل هو التوحيد، وأن الله خلقنا فقط لعبادته؛ وأننا لا نعارض أبداً عمارة الأرض، فقد عمَّر أجدادنا ... شيدوا المستشفيات والمدارس وغيرها. وأن الخيار بين عبادة الله وعمارة الأرض خيار لابد منه للتفرقة بين المنهج الإسلامي القائم على العبادة وتعبيد الناس لله، والمنهج العلماني القائم على تعمير الأرض.
وبدا من كلام الشيخ ـ حفظه الله ـ أن عمارة الأرض شيء قد يتعارض مع العبادة، أو أنهما منهجان متوازيان، وعلينا ـ حال التعارض ـ أن نقدم عبادة الله.
وفي حسي أن عمارة الأرض ثمرة من ثمرات الالتزام بشرع الله، أو لازم من لوازم الالتزام بشرع الله، أو أثر مترتب على عبادة الله وتعبيد الناس لله. ولا تعمر الأرض بغير هذا .. أبداً. فوجود الصالحين المصلحين من لوازمه عمارة الأرض، ووجود الفاسدين المفسدين من لوازمه فساد الأرض، ولم نؤمر بالعمارة (بمعنى التعمير)، بل أمرنا بمعرفة الله وتعريف الناس بالله ليعبدوه، وإن فعلنا عمرت الأرض تلقائياً.
هذه مسلمة شرعية وعقلية .. واقع نعيشه، وتاريخ نحكيه.
مسلمة شرعية
قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} الأعراف96، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ} المائدة66، وقال تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً} الجن16.
وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الروم41
ووصف الله الكافرين بالمفسدين {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ} آل عمران63 {وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ} يونس40.
والتعبير جاء بالألف واللام، وكأن من لم يؤمن هو المفسد لا غيره.
وسمى الله سعي المنافقين فساداً مع أنهم كانوا مصلحين عند أنفسهم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} [البقرة: 11 ـ 12]. وأهل التفسير على أن الفساد هنا هو المعصية. سمى الشيء بسببه.
فوجود المعصية وجود للفساد. وذهاب المعصية حضور لعمارة الأرض، فمن أراد العمارة فعليه بالقضاء على المعصية.
وما أن تفكر في هذا الأمر حتى تجد كل ما حولك يندفع إليك شاهداً ومدللاً!!.
¥