تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المحبة والمقام الأكمل]

ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[15 - 11 - 10, 11:32 م]ـ

سبحان من له المجد والثناء والحمد والبقاء ذو الجلال والاكرام.

وصلوات منك ربي ورحمة الى خير الخلق والمرسلين وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.

اللهم اني أسألك أن تعصمني من الزلل، وأن تجعل لي من الأمل ما ترضاه لي من عمل، وارزقني في أموري حسن العواقب وأن تجمع بين قلوب المسلمين بالحق والرحمة والعلم.

قال الله تعالى من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته.

فتح الباري 11.34041 حديث رقم 6502 وقد روى الحديث الإمام البخاري وأحمد بن حنبل والبيهقي ..

المحبة جناح المعرفة، وانها من المعرفة القلبية حيث تكون رؤيتك مرفقة بتحنن وشوق وتنظر بعين الرحمة والشفقة وحنو وحنان عظيم وهذا يعد من اكتمال الرؤية بالحق، ورؤيتك بهذه الوداعة يحيي فيك سموا وارتقاءا لأنها رؤية نابعة من المحبة التي نبعها الطهر الخالص من ملكتك المعرفية الراقية فيسكن قلبك وجوارحك للحق، انها رؤية تغمرها الرحمة من قلب غمرته الرحمة فترى بعين الرحمة والشفقة فتكون هذه الرؤية سامية مفعمة بخواطر سامية تحمل في ثناياها اشراقات مودعة بحكمة ناهلة من نور، فترهف حواسك مصدقا بالحق والنور فتتفتح بصائرك ومسامعك وبصرك للحق مشرقة بأنوارها فتسمع بكل تحنن ووداعة همسات النور الذي يفيض في كل النبرات التي تجعل سمعك يخشع لترويها المدامع وانه السماع بالحق والبصر بالحق لما ترى القدرة في عيون الرحمة متجلية في أسمى معانيها والطير يصدح في الأعالي مغردا في حبور ووداعة فسبحان من ألهمه المحبة فسبح خافقا جناحيه وكأنه يرسم في مخيلاتنا من هذا النبع الفياض الذي غمرته الرحمات.

فجل في البطاح البعيدة لترتوي من هذا النهل الغامر في مكان مزدان باشراقات الحياة وتعطف وتلطف بما أراك الله وارهف سمعك وبصرك وكل حواسك النابضة بالحياة فتعتريك قشعريرة ملئها الدفئ والحنان والنعيم فترى وتسمع ترنمات تنهال على خاطرك المصدق بالحق وأنت تغبطها في حبور فترى اشراقات الحياة بين الأشجار العالية وهي تتماوج في حنو وانكسار وخشوح لما هامستها البشرى بين يدي الرحمة فيسمع لها حفيفا وتسبيحا بالحق، فتنهال عليك صدحاتها مع التغاريد البعيدة بعمق نبراتها المشعة التي تغشى مسامعك فتستيقظ همتك بكل وداعة وأنت تتأمل هذه الاشراقات الفياضة التي فيها العبرة والحكمة بتآلفاتها المصممة بأبدع تقدير وعناية فيقشعر جلدك وتنهال العبرات تلو العبرات وأنت تذكر نفسك في هذا المشهد القدسي وتقول سبحان الله سبحان محييها، وسبحان من خلق هذا الخلق المحكم المتآلف العجيب وتقول بأعماقك سبحان الله عظيم القدرة وعظيم الرحمة، وانه خلق الله الحكيم بما أودع وسطر بعنايته وحكمته وعلمه الذي أودع أودع في هذا الخلق بلسم الأرواح لتحن وترحم وتغبط وتسبح لمالك الملك والملكوت وهذا البلسم به تحيا الأشواق منعمة باشراقات أنوارها فما أجل من أحياها وهذب معالمها بالطاعات والمحسنات لتكون آية مشرقة بكل تجلياتها، انه الحب من الرحمة الذي يسع كل ذرة في الوجود منعمة برحمات ربها، ولولا رحمته ما عبده العابدون وأحبه المحبون، فالقلوب يا أحباب اذا صفت ارتقت ونهلت من من حب عامر وغامر لأنها رؤية وسعها الحب والرحمات وكل ذرة تآلفت بتمكين وقدرة لتتألق في محيط رقيها ودرجاتها المنهمرة بخشوعها وتسبيحها وسجودها فتتفجر منها أنهار من الحب والحنين في وداعة البصر والمسمع وكل الملكات المستجيبة لربها الحق الخالق الحكيم الذي أودع فيها ما يحييها، فسبحان من جلت عظمته وقدرته وجلاله ورحمته وبيانه الحق وسبحان من ينور قلوب عباده لمعرفته وبلوغ المقام الأكمل كما جاء في الحديث القدسي: كنت سمعه .......

وقول الله عز وجل في محكم كتابه العزيز: (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) الآية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير