تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فسبحان من جعل هذه المعاني السارية في الموجودات وخلقه البديع أبدعها الخالق العليم الحكيم لتكون آية شاهدة للناظرين المتفطنين واثباتا حقا لوجوده سبحانه، واذا ارتقى العلم أصبحت له معرفة تتخطى الحدود والأبعاد فيصبح المعقول موجود ويصبح المفقود قريب وما كان مستحيلا أصبح قائما، وتظهر الحقائق ناصعة بنبعها الحق الساطع بسموها وارتقائها وتظهر للوجود معاني مشرقات وتظهر للحقيقة معنى فوق كل معنى، فعندما ترى رؤية عابرة فان قلبك المصدق بنور ربه يسبغها بأرقى ما تتضمنه هذه الرؤية العابرة فيقرءها القلب قراءته الخاصة بما فقه، وهذه القراءة تهتز لها المشاعر وتتحرك بكل دفئ وحنو ناهلة من أسرارها الرحبة فيصفو القلب ويقوى بعدما تطهر من كل كدوراته فأشرقت شمس الحق فيه وسطع وانقشعت كل السحب الواجمة فيه انها أكبر من رؤية عابرة لأنها مشهد حق في حضرة الحق، ومنتهى المعرفة أن ترى معاني الوجود الحقيقية ففي الحضرة الواحدية يكون الدنو من الحق ولا دخل للعقل الذي يرى هذه الرؤية التي يسبغها القلب بمعرفته الخاصة لأنه شهود وشهود من القلب الذي استنار واستضاء بنور الله، ففي درجة الدنو من الحق يفيض جود الحق فتظهر للوجود معاني وهذه المعرفة ليست من المعقولات وقد يشتبه الأمر على السالكين، فالوسائل في هذه المعرفة طاهرة والغاية طاهرة ومعرفة الحق معرفة وحدانيته بما أبرز للخلق من أسماءه العلا وصفاته المجيدة والحق لا يعرفه سواه ومن عرفه فبه عرفه وهي معرفة تتحصل لأولياء الله خالصة المتبعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ملئوا أشواقهم بحبه والذين يشاهدون الله بقلوبهم فيكشف لهم ما لا يكشفه لغيرهم.

فكل وصف بأعماقك تنطبع فيه آثار من أشواقك الغامرة وتوجهاتك في عبادتك لربك والمستقرأة بينابيع من الحكمة العامرة فالرؤية التي تراها اعتيادية فهي ليست كذلك بل رؤية تكسوها حلل من فوقها حلل لمن يفقه سموها وآثارها الظاهرة والباطنة والتي زينها ورونقها باريها الحق للناظرين المتوجهين اليه باخلاصهم في طاعاته بقلوبهم لتكتمل في أبهى حللها ونعيمها الأوفى وهذا الحكم لا ينقطع ولا ينتهي وغير مفقود ولا ينال الا بالهمم والأشواق الغامرة ولا يزال العبد في ترق وتكامل رؤيته بالحق ولا يزال الحق في تجل ولا سبيل لاستيفاء ما لا يتناهى، والله تعالى جعل العلم دليلا عليه ليعرف وجعل الحكمة رحمة منه ليولف فالعلم دليل الى الله والمعرفة دالة على الله فسبحان الله العظيم.

وقرب الله اذا تمكن في القلب غلب على ما سواه من اعراض الهمم وظاهر حركات الجوارح والقرب هو الدنو من المحبوب بالقلب، وكل شيء لا يوصلك الى القرب من مولاك الحق فهو يختدعك وحتى ان تحدث العبد عن نفسه فهذا يحجبه عن قربه لمولاه الحق لذا كان التفكر والتذكر في مجد الله وعظمته وقدرته وجلاله ورحمته مفتاح الرحمات لأن ذلك هو الصلة الموصولة بالحق وهذا العلم المزكى والمرصع بالأنوار البهية يوقظ الهمم والنفوس التي تطهرت وصقلت وتنقت من كل الكدورات وتهيأت لتشرق فيها أنوار الحق الواصلة والتي سلكت مسلكا آمنا عامرا بالنور تتغشاها أنوار الحكمة والتي أفرشت الجباه ونصبت الأقدام في توجهاتها وأدت فرائضها ونوافلها وتوجهت بقلبها توجها خالصا على اثره سالت العبرات وما أعظم وزن الدمعة عند الله وما دام العبد متوجها الى الله فهو في مكرمات الله وملكه وفضله العظيم يزداد قربا ودرجات، وعليه ألا يتعجب ما فوق قدرته لأنه يعلم أن ما يحدث ما حدث الا بالله وأن الله هو الجامع المالك وأن معرفة الله تكفي عبده وترتقي به الى المقام الأكمل فيعود الى الخلق رحيما حكيما مشفقا متوجها الى رب العالمين مذكرا أنه محيي القلوب وأنه سبحانه أرحم الراحمين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير