[الزواج المبكر في ميزان الشريعة]
ـ[أبو معاوية الأثري الجزائري]ــــــــ[16 - 11 - 10, 05:02 م]ـ
وفيه زيادات كثيرة على ما في "شبهات حول الإسلام".
كتبه:
أبو عمار علي الحذيفي
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله صحبه أجمعين، وبعد:
فإن الله تعالى جعل الزواج بين الجنسين الذكر والأنثى من آياته الدالة على ربوبيته سبحانه كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وقال تعالى: (هن لباس لكم وأنت لباس لهن).
وهذه رسالة مختصرة تكلمت فيها عن (الزواج المبكر) أقدمها بين يدي القراء المنصفين ليعلموا أن القول بمحاربة الزواج المبكر على الإطلاق مذهب فاسد شرعاً وعرفاً.
ولهذا البحث قصة، فإنني رأيت الصحف تكثر الكلام على الزواج المبكر عموما وعليه في اليمن خصوصا، فعلمت أنها مكيدة مدبرة، وعلمت أن هذا تمهيد لقانون جديد سينزل في الأسواق لا يخدم سوى "المنظمات" وأن هذا بمنزلة الاختبار لشعور الناس واختبار ردة أفعالهم، فخطبت فيه خطبة جمعة أو أكثر بهذا الموضوع، مع اشتمال بعض الخطب على شيء من تفاصيله، وبعد مدة يسيرة فاجأنا "مجلس النواب" بقرار منع الزواج قبل سن السابعة عشر، وهو قرار لا وزن له ولا قيمة كما سيأتي بيانه.
ولقد كان السبب الرئيسي في الحرب على الزواج المبكر هو دعوة "المنظمات" العالمية التابعة لـ"هيئة الأمم المتحدة" وعلى رأسها "منظمة اليونيسيف"، وما تدعو إليه باسم مفهوم "الصحة الإنجابية"، وبالمناسبة أحب هنا أن أبين "مفهوم الصحة الإنجابية"، لأنه يخفى على كثير من الناس، فالصحة الإنجابية تشتمل على حق وباطل، فمن الحق الذي اشتملت عليه "الصحة الإنجابية" الأمومة الآمنة، والعناية بصحة المرأة من حيث التغذية الصحيحة للحامل والولادة والنفاس، وكذلك الرضاع الطبيعي، وصحة المرضع .. إلخ، فهذه الأمور حق لا جدال فيها، والإسلام يدعو إلى ما فيه صحة وسلامة الإنسان وبدنه.
أما الأمور الباطلة التي يشتمل عليها فهي التنفير من الزواج المبكر، والحد من الإنجاب، وتناول حبوب منع الحمل للمراهقات، وإباحة الإجهاض .. إلخ.
وهذه القضايا دعت إليها مؤتمرات "الأمم المتحدة" حول المرأة والسكان والتنمية الاجتماعية، وتعتبرها الوسيلة الرئيسة للنهوض بالمرأة!!.
وهذا البحث يتكون من عدة فصول:
الفصل الأول: لماذا الحرب على الزواج المبكر؟!
الفصل الثاني: حقيقة الزواج المبكر، وحكمه.
الفصل الثالث: محاسن تعجيل الزواج، ومفاسد تأخيره.
الفصل الرابع: قيود الزواج المبكر.
الفصل الخامس: شبهات الداعين إلى تأخيره.
الفصل السادس: مناقشة قانون تحديد سن الزواج.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وسبباً لمرضاته، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.
الفصل الأول: لماذا الكلام على الزواج المبكر؟!
المبحث الأول: أهداف القوم:
إن صاحب الباطل إذا أراد أن يدعو إلى باطله، فإنه لا يصرح به لأنه لن يجد قبولا بذلك، وإنما يأتي له بكلام مقبول يقبله السامع، وهذا الذي فعله إبليس لعنه الله حيث قال الله عنه: (وقاسمهما إني لكما من الناصحين)، فلم يقل لهم: كلوا واعصوا الله، كلوا لتخرجوا من الجنة!!، وإنما قال: (إني لكما من الناصحين)، وهكذا كل من له غرض فاسد فإنه لا يصرح به، وإنما يتحجج بأعذار تكون مقبولة عند الآخرين، فالشيوعية الملحدة جاءت باسم حقوق العمال وإزالة الطبقات والاشتراك في ثروات المجتمع.
وهكذا جاء تهجم بعض الدول العظمى على بعض الدول الغنية بالبترول ولكنها لا تقول: هدفي من هذه الحروب هو البترول، وإنما تقول: العالم مهدد بأسلحة نووية يمكن أن تطلقها الدولة الفلانية في أي وقت!!
ومن هذا الباب موضوعنا الذي نحن فيه، موضوع: (الزواج المبكر) ذلك الموضوع الذي كثفت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الكلام عليه، وكأنه من أصول الإيمان بالله واليوم الآخر، مع أننا كنا بحاجة إلى الكلام على مواضيع أخرى هي أهم من هذا بكثير.
وإن تعجب فعجيبة هي حججهم: فتارة يقولون: الزواج المبكر سبب في كثير من الوفيات، أقول: ومن متى أنتم تهتمون بالآدميين حتى تهتموا بالوفيات؟؟
¥