وفي السعودية حذرت دراسة علمية قدمها الدكتور عبد الله الفوزان "أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة الملك سعود بالرياض" من أخطار العنوسة، وذكر أنه إذا استمرت ظاهرة الزواج المتأخر في المجتمع فإنها ستخلف أربعة ملايين فتاة عانس في السنوات الخمس المقبلة، في الوقت الذي يصل فيه عدد الفتيات العوانس الآن إلى مليون ونصف المليون فتاة.
وبالجملة فالدول التي يتأخر فيها الزواج تكثر فيها عنوسة الفتيات.
الثالث: يقول التقرير الصادر عن مركز دراسات الزواج بجامعة "روتشرز" كذلك إنه كلما تأخر سن الزواج كلما قلة رغبة الناس في الزواج، وهذا الذي حصل في الغرب، فنتيجة لذلك أن أمريكيات كثيرات يلدن ويربين أطفالاً دون زواج، ففي الستينات ولد 25.3 % من إجمالي المواليد في الولايات المتحدة من أمهات غير متزوجات، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى رقم أكبر في عام 1997 لتصل إلى 32 % من الأمهات غير المتزوجات.
الرابع: تجنب الأورام، فإن أورام الثدي والرحم والمبايض هي أقل عند النساء اللواتي يبدأن الحمل والإنجاب في السنين المبكرة.
الخامس: تجنب الحمل المهاجر"خارج الرحم"، فقد أثبت العالم الأمريكي Rubin في أبحاثه عام 1983م أن حالات الحمل خارج الرحم هي 17,2/ 1000 عند النساء اللواتي يزدن عن 35 سنة, وأن النسبة تقل إلى 4،5/ 1000 عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن 15 - 24 سنة.
السادس: تعرض الفتاة للإجهاض، فقد ذكر العالم الأمريكي Hawen أن نسبة الإجهاض من 2 - 4 أضعاف عند النساء بعد 35 سنة من العمر.
السابع: إن العمليات القيصرية والولادة المبكرة، والتشوهات الخلقية ووفاة الجنين داخل الرحم ووفاة الأطفال بعد الولادة، جميعها تزداد نسبياً كلما زاد عمر الحامل.
إن الحمل والإنجاب هو عمل متكرر وإن المرأة بحاجة إلى فترة زمنية طويلة لإنجاب ما كتب الله لها من أطفال، فالمرأة التي تتزوج في سن متأخر فإنها سوف تنجب أطفالها وهي في سن متأخر، ومن المعروف طبياً أن الأمراض المزمنة تبدأ بالظهور أو تزيد كلما تقدم الإنسان في العمر، وهذه الأمراض المزمنة تزيد مخاطر الحمل والإنجاب وأحياناً تقف عائقاً للحمل والإنجاب.
وما تقدم إنما هو بالنسبة إلى الفتاة، وأما بالنسبة للشاب فمن الآثار المترتبة على تأخير زواجه هي وجود فاحشة الزنى أو اللواط، وربما كثرت فاحشة اللواط في بعض الأرياف لغلاء المهور ولاسيما عند الفقراء الذين لا يقدرون على دفع قيمة المهور، فكيف إذا كان هناك قانون يمنع من الزواج المبكر فلا شك أن هذا سبب لوقوع الشباب الأغنياء والفقراء.
الفصل الثالث: قيود الزواج المبكر:
إن القول بمشروعية الزواج المبكر في الأصل ليس معناه جوازه على الإطلاق مع كل الفتيات وفي مختلف الأحوال، فقد تحتف ببعض الفتيات بعض الأحوال التي تدل على أن تركه أفضل في حقها، وإنما الذي أنكرناه هو أن يسن قانون عام يمنع فيه جميع الفتيات من هذا الزواج مطلقاً ولو كانت الفتاة متأهلة، دون النظر إلى اختلاف أحوال الفتيات.
وإننا سنذكر هنا القيود التي إذا أضيفت إلى الزواج المبكر جعلته سالماً من هذه الآفات، فمنها:
الأول: أن تكون الفتاة مهيأة بدنياً، فرب فتاة تكون في سن التاسعة أو العاشرة أو الخامسة عشر أو أكثر من ذلك ومع هذا لا تكون مهيأة للزواج لضعف في بدنها أو مرض تعاني منه يجعلها ركيكة لا تقدر على القيام بأعباء الزوجية.
الثاني: أن تكون ناضجة في نفسها، قد تربت على تحمل المسئولية، وليس معنى هذا أن تكون ملمة بجميع أمور الحياة الزوجية من العشرة والحضانة ونحوها، فهذا تفتقر إليه كثير من الفتيات حتى الكبيرات منهن ولاسيما في أزماننا، ولو منعنا الزواج لهذه العلة لمنعنا الزواج مطلقاً، ولكننا نعني أنها فتاة تعرف معنى المسئولية، ثم لا يضرها ما فيها من تقصير فإن أغلب الفتيات يكملن النقص بعد الزواج، مستفيدات من أمهاتهن أو أمهات أزواجهن أو غيرهن من النساء.
وإن مما يدل على مراعاة الأمرين المتقدمين وهما التهيؤ والنضوج هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر جميع الشباب بالزواج، وإنما أمر من كان متهيئاً له بالباءة وهي القدرة على النفقة، فدل على أن الاستعداد للزواج مطلوب بالنفقة للنص وبغيرها قياسا على النفقة.
¥