تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالث: الأفضل عند زواج الصغيرة أن يراعى في الرجل أن يكون قريباً منها في السن إلا لمقصد صحيح، فقد أخرج النسائي في "سننه" وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك"، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، عن بريدة قال: (خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة رضي الله عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها صغيرة، فخطبها علي رضي الله عنه فزوجها منه)، وهذا إسناد صحيح، وبوَّب النسائي على الحديث بقوله: (تزويج المرأة مثلها في السن).

فيؤخذ من الحديث أن يراعى في الرجل أن يكون قريباً من الفتاة في السن لكونها أقرب إلى الائتلاف بين الزوجين، وأدعى لاستمرار الزواج، وأما زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها فقد دلت الأحاديث على أن زواجها كان عن طريق الرؤيا ورؤيا الأنبياء حق، فهو أمر أراده الله لها وله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أريتك في المنام ثلاث ليال: جاءني بك الملك في سرقة من حرير- أي قطعة من حرير- فيقول: هذه امرأتك، فاكشف عن وجهك، فإذا أنت هي، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه) وهذا لفظ مسلم، وقد حصل في هذا الزواج المبارك خير عظيم، ومع هذا فلا ندعي الخصوصية فليس معنا دليل على ذلك ولا يقدر أحد على منعه ما دامت المصالح متحققة.

وهذا على القول بما ذهب إليه النسائي في التبويب المشار إليه.

الفصل الرابع: شبهات الداعين إلى تأخيره:

صدق الله لما قال: (الشيطان يعدكم الفقر) فهذه الشبه وأمثالها إنما يلقيها الشيطان وأتباعه من اليهود والعلمانيين على أسماع ضعفاء الإيمان، ليخوفهم من الشرائع.

الشبهة الأولى: أنها إذا حملت في فترة مبكرة فإنها لا تتم حملها بمدته الكاملة لأن جسمها لم يكتمل نموه بعد وأنها قد تتعرض للإجهاض المتكرر.

وهذا غلط، لأن الفتاة لا تحيض ولا تحمل إلا وقد هيأ الله في بدنها ما يجعلها جاهزة لهذه الوظيفة وإلا فكيف تكون حائض ولا تكون جاهزة للحمل فهذا مخالف لقول الأطباء وغيرهم.

والشيء العجيب الذي يستوقف العقلاء أن الله يخلق جسم الجنين على قدر بدن الأم وبطنها، فيخرج الجنين من أم سنها خمسة عشر سنة وجنين آخر من أم سنها ثلاثين سنة في وقت واحد والأول أصغر حجماً من الثاني، وما هي إلا أيام ثم تبدأ علامات التساوي والتماثل في البدن تظهر جلياً على الجنينين فسبحان الله العظيم.

الشبهة الثانية: قد يحصل فيها تشوه للجنين.

وقد أجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذا السؤال فقال في "مجموع فتاواه": (هذا ما لا نعرفه، الزواج المبكر مطلوب، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج)، هذا هو المشروع، فإذا زوجه عند أهليته للزواج، وعند وجود الشهوة فقد أحسن وليس عليه بذلك بأس، وقول هذا الذي قال تخرص من القول ولا أصل له أن الجنين يخلق مشوهاً في الزواج المبكر، هذا شيء لا أصل له، وإنما هو تنفير من الزواج المبكر بغير حق وبغير علم، وقد زوجنا وزوج الناس أولادهم مبكرين وما رأوا إلا خيراً، ولا نحمل ذلك على الشر الذي قاله هذا القائل) أ. هـ

الشبهة الثالثة: وقد تتعرض الفتاة إلى فقر الدم وخاصة خلال فترة الحمل.

وهذا كسابقه ليس إلا تنفيراً من الزواج المبكر، وكثير من الأطباء يخالفون مثل هذه الدعاوى، وهناك الكثير من الفتيات اللواتي تزوجن في سن مبكرة ولم يحصل لهن شيء من هذه الدعاوى.

الشبهة الرابعة: قد تزداد وفيات أطفال الأمهات الصغيرات بنسبة أكبر من الأمهات الأكبر سناً وذلك لقلة الدراية والوعي بالتربية والتغذية.

وهذه الدعوى إن صحت فليست هي مشكلة الزواج المبكر، وإنما هي مشكلة قلة الوعي والتعليم بخطر المسئولية، على أننا نقول: إن الفتيات الصغيرات إذا ولدن لا يبقين لوحدهن يتحملن مسئولية هذا الطفل الصغير، بل تحطهن القابلات بالعناية التامة والنصائح المتواصلة في باب الرضاعة والغسل والتعامل مع الطفل عندما يمرض وغير ذلك، ولاسيما أم الزوج والتي هي جدة الولد الصغير وهي بمنزلة أمه في الرحمة والشفقة، فتظل القابلات في نصائح مستمرة مع الأم حتى تتكون عند الأم خبرة كبيرة تستطيع أن تقوم بنفسها على الجنين في الحمل القادم وإن كانت في سن صغيرة،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير