تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد وقع ذلك لأهل القرية التي كانت حاضرة البحر من بني إسرائيل .. فإذا جماعة منهم تهيج مطامعهم أمام هذا الإغراء، فتتهاوى عزائمهم، وينسون عهدهم مع ربهم وميثاقهم، فيحتالون الحيل - على طريقة اليهود - للصيد في يوم السبت! وما أكثر الحيل عندما يلتوي القلب، وتقل التقوى، ويصبح التعامل مع مجرد النصوص، ويراد التفلت من أوضح الواضح من الأحكام.

إن أوامر الشريعة ونواهيها لا يحرسها مجرد النصوص في الكتاب و السنة أو جهود الدعاة والوعاظ، بل ولا السيف ولا المدفع، إنما تحرسها القلوب اليقظة التقية التي تستقر تقوى الله فيها وخشيته، فتحرس هي شريعتها وتحميها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بين، وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه"، ثم عقب على ذلك بقوله: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".

فمهما قلنا: "حلال .. حرام .. يجوز .. لا يجوز .. يجب .. يكره .. "، فلن يجد هذا الكلام صدى إلا عند أصحاب القلوب التقية النقية والنوايا الطيبة.

من أجل ذلك تفشل الأنظمة والأوضاع التي لا تقوم على حراسة القلوب التقية. تفشل النظريات والمذاهب التي يضعها البشر للبشر ولا سلطان فيها من الله .. ومن أجل ذلك تعجز الأجهزة البشرية التي تقيمها الدول لحراسة القوانين وتنفيذها. وتعجز الملاحقة والمراقبة التي تتابع الأمور من سطوحها!

وهكذا راح فريق من سكان القرية التي كانت حاضرة البحر يحتالون على السبت الذي حُرم عليهم الصيد فيه .. وروي أنهم كانوا يقيمون الحواجز على السمك ويحوِّطونه يوم السبت، حتى إذا جاء الأحد سارعوا إليه فجمعوه وقالوا: إنهم لم يصطادوه في السبت، فقد كان في الماء – وراء الحواجز – غير مصيد".

فيا من تصيد المعاصي والسيئات مكراً وخداعاً؛ الله يراك ويعلم نواياك، فاتق الله واحذر مغبة ذنبك وعاقبة فعلك .. ومهما خدعت الناس ومكرت على الخلق وانطوى ذلك عليهم فلن تخدع الله .. وإذا مكرت فاعلم أنه: {لَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} فاطر {43}.

حبيبي في الله

يا من تملأ قلبك بالهموم وتدنسه بالمعاصي عامداً ثم تسأل الله سلامة القلب! .. إن هذا لمكر .. مستمر في شحن قلبك بالهموم ومتعمد .. تحمل هم المال وهم اللباس وهم الصيف وهم الشتاء وهم العيال وهم البنات وهم الراتب وهم الشغل وهم .. وهم .. وتقول: "يا رب طهر قلبي" وأنت المداوم على تدنيسه!! إن هذا لمكر ..

اللهم طهر قلوبنا يا رب.

يا من تحرص على الدنيا وتغفل عن الآخرة، يا من كثرت ذنوبه و تأخرت توبته ثم تشكو قسوة القلب!! .. إن هذا لمكر .. فإياك أن تمكر ..

كن صادقاً مع الله تعالى .. لا تكن ثعلباً فالطريق وعرة .. الطريق إلى الله وعرة، ولن تصل إلا بتوفيقه، أفيه تمكر وهو دليلك الوحيد؟!

ولذا؛ إذا أردت الوصول إلى الله فتب من المكر، واجعل همومك هما واحداً هو الله .. الهموم نجسة فطهر قبلك منها .. منقول من موقع الربانية للشيخ محمد حسين يعقوب

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير