قال (كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك) قال شعبة و قد قال مرة أخرى (أعوذ بك من الخبث والخبيث أو الخبث والخبائث)
(فقه الحديث)
كان إذا دخل الخلاء: أي، إذا أراد أن يدخل.
كما قال تعالى:?فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ? (النحل:98) وقال: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ? (المائدة:6)
وثبت في رواية ِ سعيد بن زيد عن عبد العزيز بن صُهيب كما ذكرها البخاري في صحيحه " إذا أراد أن يدخل الخلاء ... " فخيرُ ما يفسر الحديث بالحديث.
الخُبث: جمع خبيث وهو جمع ذكران الشياطين.
الخبائث: جمع خبيثة وهو جمع إناث الشياطين.
وتعلمون أن مثل هذه الأماكن تحضرها الشيطانين لقول النبي (إن هذه الحشوش محتضرة) ونهى النبي صلي الله عليه وسلم عن الصلاة في الحمام، لأنها موطن تجمع الشياطين.
وجمهور أهل العلم: أن الاستعاذة هذه مستحبة، ولا أعلم أحدا ً قال بالوجوب ,والأصل في الأوامر الوجوب، لكن لم نجد أحداً من العلماء قال بالوجوب.
واختلفوا في ضبط الخبْث،ضما وتسكينا ً فذهب الخطابي إلى تسكينها،وقال: الجمهور على التسكين، ورد أهل العلم عليه كالنووي وابن سيد الناس وقالوا: إنه أخطأ، لأنها جاءت ساكنة ومضمومة.
(تخريج الحديث)
أخرجه أصحاب السنن وغيرهم.
(درجة الحديث)
من أصح الأسانيد على وجه الأرض، بغض النظر كونه في البخاري ومسلم.
قال أبو عيسى:
و في الباب عن علي و زيد بن أرقم و جابر و ابن مسعود.
علي / لفظه (ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم) رواه الترمذي وابن ماجه، لكن ضعفه الترمذي مع طرقه وهو الراجح.
وزيد بن أرقم / لفظه (إن هذه الحشوش محتضرة)
قال أبو عيسى: حديث أنس أصح شيء في هذا الباب و أحسن و حديث زيد بن أرقم وقع في إسناده اضطراب روى هشام الدستوائي و سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
هشام الدستوائي: حافظ ثابت، من الطبقة السابعة، وأخرج له الجماعة توفي -154 - .
سعيد بن أبي عروبة: -159 – من الثقات الأثبات.
عن قتادة: بن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري وأخرج له الجماعة توفي -119 - من الطبقة الرابعة.
القاسم بن عوف الشيباني: الأرجح أنه لا يحتج به كما ذهب إليه الجمهور وهو من الطبقة الثالثة.
فهشام وسعيد رووا هذا الحديث عن قتادة.
وقال سعيد: عن القاسم عن زيد بن أرقم.
وقال هشام: عن قتادة عن زيد بن أرقم.
فحذف هشام القاسم بين قتادة وزيد بن أرقم.
معمر: هو ابن راشد البصري، ووقع في حديثه عن بعض الشيوخ ومن روى عنه كلام.
وفي حديث معمر بن راشد أربعة أقسام:
1_ من أصح الأسانيد، وهو ما رواه عن عبد الله بن طاووس أو الزهري والراوي عنه يمني كعبد الرزاق الصنعاني، أو هشام بن يوسف الصنعاني.
2_ أقل: أن يكون الراوي عنه غير عبد الرزاق وهشام ويكون شيخه غير هؤلاء
3_ أن يكون شيخ قتادة هشام بن عروة أو عاصم أبو النجود أو الأعمش –ونسيت الرابع- ففي حديثه كلام ,لكن الأصل في هؤلاء الصحة لكن دون الأول والثاني.
4_ أن يكون الرواة من أهل البصرة، فقد وقع في حديثه أخطاء، لأنه حدث من حفظه وهذه الدرجة أضعف من الماضيات، وإن كان الأصل في كل أحاديثه الصحة, فشعبة ومعمر خالفا سعيدا وهشام في شيخ قتادة فجعل شعبة ومعمر عن النصر بن أنس وجعل سعيد وهشام عن القاسم.
قال شعبة: عن زيد بن أرقم.
وقال معمر: عن أنس بن مالك.
والراجح / أن لقتادة شيخين، النصر بن أنس، والقاسم بن عوف
وذهبنا لهذا الترجيح لأن جميعهم ثقات وأثبات.
لماذا يعتبر هذا الحديث من مسند زيد بن أرقم لا من مسند أنس؟
ج: لأن معمراً خالف هشاماً وسعيداً وشعبة، وهم مقدمون.
وإلى هذا ذهب البخاري فقال: يحتمل أن يكون قتادة روى عنهم جميعا ً.
فيكون الإسناد صحيحا، لما ذهب إليه البخاري وابن خُزيمة وابن حِبان لكن ذهب أبو عيسى أن الحديث مضطرب.
وأما زيادة (بسم الله الرحمن الرحيم) فوقعت عند ألمعمري.
وقال ابن حجر (هي على شرط مسلم) والراجح أنها شاذة لأن الحديث وقع في الصحيحين والسنن، دون ذكر (بسم الله الرحمن الرحيم)
¥