يجهل الكثير من المسلمين أن لبس النعال قربة إلى الله جل وعلا وعبادة من العبادات، فقد حثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإكثار من لبس النعال في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل "، وقد بوب الإمام النووي - رحمه الله - باباً سمّاه: " استحباب لبس النعال وما في معناها " وقال في شرحه للحديث السالف: " معناه أنه شبيه بالراكب في خفة المشقة عليه، وقلة تعبه، وسلامة رجله ممّا يعرض في الطريق من خشونة وشوك وأذى، وفيه استحباب الاستظهار في السفر بالنعال وغيرها مما يحتاج إليه المسافر " ا. هـ.
وقد قال ابن العربي - رحمه الله -: " النعال لباس الأنبياء "، وقد جاء هذا الدين الحنيف بكل ما فيه صلاح البلاد والعباد، فقد أمرنا عليه الصلاة والسلام بكثرة الانتعال، لدفع المشقة والأذى، ولحصول السلامة للقدمين.
ثانياً: استحباب الدعاء عند لبس الجديد من النعال:
بوب الإمام النووي في رياض الصالحين باباً فقال: " باب ما يقول إذا لبس ثوباً جديداً أو نعلاً أو نحوه " ثم ساق حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوباً سماه باسمه - عمامة أو قميصاً أو رداء - يقول: " اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له " وصححه الألباني - رحمه الله -.
ثالثاً: استحباب البدء باليمين عند لبس النعال والخلع بالشمال:
يستحب للمرء أن يبدأ برجله اليمنى عن لبسه النعال،,إذا نزعها أن يبدأ بالشمال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إذا انتعل أحدكم فليبدء باليمين وإذا نزعها فليبدأ بالشمال لتكن أولها تنعل وآخرهما تنزع"
قال النووي - رحمه الله -:"يستحب البداءة باليمنى في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك، كلبس النعل والخف والمداس والسراويل والكم وحلق الرأس وترجيله، وقص الشارب ونتف الإبط والسواك والاكتحال وتقليم الأظافر، والوضوء والغسل والتيمم ودخول المسجد، والخروج من الخلاء، ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة وتناول الأشياء الحسنة ونحو ذلك، ويستحب البداءة باليسار في كل ما ضد السابق، فمن خلع النعل والخف والمداس والسراويل والكم، والخروج من المسجد والاستنجاء، وتناول أحجار الاستنجاء، ومس الذكر، والامتخاط والاستنثار، وتعاطي المستقذرات وأشباهها "
قلت: أمره - صلى الله عليه وسلم - البداءة باليمين مستحب وليس واجباً، مع أن ظاهر النص يفيد الوجوب، لكنّ الإجماع صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب كما ذكر ذلك النووي - رحمه الله - في "شرح مسلم".
رابعاً: استحباب الصلاة في النعال:
من السنن المهجورة الصلاة في النعلين، وقد تواتر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في نعليه، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة في النعلين، فقد سئل أنس بن مالك - رضي الله عنه -:"أكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي في نعليه؟ قال: نعم"،وقال - صلى الله عليه وسلم -:"خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم"
قلت: الصلاة بالنعال مشروعة ولكن ينبغي على المرء أن لا يصلي في نعاله في حالتين:
الحالة الأولى: إن أدت الصلاة في النعال إلى مفسدة أو خصام و تنافر للقلوب بين المصلين، فإنه من الأفضل عدم الصلاة في النعال إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد،،فينبغي على المرء فعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف، خاصة إذا كان غير مطاع في قومه،والتأليف بين القلوب مصلحة راجحة على مصلحة الصلاة في النعلين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:"لذلك استحب الأئمة كأحمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل، إذا كان فيه تأليف المأمومين، مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل، بأن يسلم في الشفع، ثم يصلي ركعة الوتر، وهو يؤم قوماً لا يرون إلا وصل الوتر، فإذا لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل، كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر أرجح من مصلحة فصله مع كراهتم للصلاة خلفه، وكذلك لو كان ممن يرى المخافتة بالبسملة أفضل، أو الجهر بها، وكان المأمومون على خلاف رأيه"
¥