تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موقف المؤمن من الشبهات]

ـ[نضال داوود أبوشميس]ــــــــ[19 - 11 - 10, 05:25 م]ـ

[موقف المؤمن من الشبهات]

بقلم: الشيخ محمود عطيّة بن محمد بن علي

إنّ من ثوابت الإسلام: وجوب التثبّت من الأخبار.

وإنّ أعظمَ أنواع التثبّت: أن يتثبَّتَ المرء من أمر دينه؛ فلا يقبل إلا الحق، ولا يقبل الحق إلا من أهله.

وأهل الحق هم العلماء، وليسوا أدعياء العلم.

وأهل الحق هم الراسخون في العلم، وليسوا هم أصحاب القلوب المريضة ومَن في قلوبهم زيغ.

أهل الحق هم مَن يتبعون المحكم ويردّون المتشابه إلى المحكم؛ فيصبح كلّه محكماً، وليسوا هم مَن يتبعون المشابه وقصدهم في هذا الاتباع الفتنةَ والتأويل.

قال تعالى: ?هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ? [آل عمران: 7]

قال السعدي -رحمه الله- في «تفسيره»:

«يخبر تعالى عن عظمته، وكمال قيوميته، أنه هو الذي تفرد بإنزال هذا الكتاب العظيم، الذي لم يوجد- ولن يوجد- له نظير أو مقارب في هدايته، وبلاغته وإعجازه، وإصلاحه للخلق، وأن هذا الكتاب يحتوي على المحكم الواضح المعاني البين، الذي لا يشتبه بغيره، ومنه آيات متشابهات، تحتمل بعض المعاني، ولا يتعين منها واحد من الاحتمالين بمجردها، حتى تضم إلى المحكم.

فالذين في قلوبهم مرض وزيغ، وانحراف، لسوء قصدهم، يتبعون المتشابه منه، فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة، وآرائهم الزائفة، طلبا للفتنة، وتحريفا لكتابه، وتأويلا له على مشاربهم ومذاهبهم ليضلوا ويضلوا.

وأما أهل العلم الراسخون فيه، الذين وصل العلم واليقين إلى أفئدتهم، فأثمر لهم العمل والمعارف- فيعلمون أن القرآن كله من عند الله، وأن كله حق، محكمه ومتشابهه، وأن الحق لا يتناقض ولا يختلف.

فلعلمهم أن المحكمات، معناها في غاية الصراحة والبيان، يردون إليها المشتبه، الذي تحصل فيه الحيرة لناقص العلم، وناقص المعرفة.

فيردون المتشابه إلى المحكم، فيعود كله محكماً».

ثم قال رحمه الله: «ففي هذا دليل على أن هذا من علامة أولي الألباب، وأن اتباع المتشابه، من أوصاف أهل الآراء السقيمة، والعقول الواهية، والقصود السيئة» [«تفسر السعدي» (1/ 357 - 358).]

فَمِنْ أيّ الصنفينِ أنتم أيها الدعاة؟

أَمِنَ الذين في قلوبهم زيغ؟!

أم من الذين حذّر منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن تلا هذه الآية؟!

عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: ?هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ?؛ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ» [صحيح لذاته. أخرجه البخاري وأبو دود؛ من طريق زيد بن إبراهيم التستري عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة؛ مرفوعاً. وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب «السُّنَّة»؛ من طريق حماد بن سلمة به، وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ كما قال شيخنا في «ظلال الجنة». وأخرجه -أيضاً- الدارمي في «سننه»؛ من طريق حماد بن سلمة ويزيد بن إبراهيم معاً.]

أم تريدون أن تكونوا من الراسخين في العلم الذين شهدوا لربهم -عز وجل- بالوحدانية الحقة؟!

عليكم بالعلم؛ فإنّ قلّة العلم توقعكم في فتنة الشبهات.

والعلم: قال الله، قال رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير