تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها الإخوة المؤمنون, الدهور والأعوام الليالي والأيام سنن الله تتعاقب في هذه الدنيا ولن تجد لسنة الله تبديلاً، وبتعاقبها وسيرها تتعاقب الفصول على الناس، فهذا فصل للصيف وذا للشتاء وذاك للخريف وذا للربيع، ومن نعمه أن خص كل موسم بما يناسبه من الزروع والثمار ونوّع الأعمال، ودفع السآمة عن الإنسان, والمؤمن الحق من وقف مع هذه النعمة وتدبرها حق التدبر وشكر الله لأجلها قولاً وعملاً، ولأننا في فصل الشتاء فإننا نقف بكم اليوم إخوة الإيمان على شيء مما ورد فيه، وكذلك غيض مما يحتاجه المسلم من الأحكام، وما شرع له من السنن فيه، أخرج الإمام أحمد في حديثٍ حسنٍ عن أبي سعيد الخدري http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif عن النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif أنه قال: ((الشتاء ربيع المؤمن)) أخرجه البيهقي، وزاد فيه: ((طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه)) وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه، فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة، ولا كلفة تحل به من جوع أو عطش، فلا يحس بمشقة الصيام.

ففي المسند والترمذي عن النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: (( الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة) وكان أبو هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: (ألا أدلكم على الغنيمة الباردة) قالوا: بلى, فيقول: (الصيام في الشتاء وقيام ليل الشتاء) نسأل الله أن يوفقنا لذلك.

يكون يسيراً لطول الليل فيه, يمكن أن تأخذ النفس حظها من النوم ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة.

وروي عن ابن مسعود http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif قال: (مرحبا بالشتاء تنزل فيه البركة, ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام)، وعن الحسن قال: "ونعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه ونهاره قصير يصومه".

قال ابن رجب رحمه الله: "قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف ولهذا بكى معاذ http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif عند موته، وقال: إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركاب عند حلق الذكر". انتهي كلامه رحمه الله، ومن فضائل الشتاء أنه يُذكِّر بزمهرير جهنم، ويوجب الاستعاذة منها, ذكر ابن رجب في حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif قال: ((إذا كان يوم شديد البرد فإذا قال العبد لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله تعالى لجهنم إن عبداً من عبادي استجار بي من زمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته)) قالوا وما زمهرير جهنم. قال: ((بيت يلقى فيه الكفار فيتميز من شدة برده))، وفي الحديث عند الشيخين وغيرهما عن النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif أنه قال: ((إن لجهنم نفسين نفساً في الشتاء ونفساً في الصيف، فأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها، وأشد ما تجدون من الحر من سمومها) وروي عن ابن عباس قال: (يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها فيسألون الحر ويستغيثون بحر جهنم).

كم يكون الشتاء ثم المصيف وربيع يمضي ويأتي الخريف

وارتحال من الحرور إلى البر دِ وسيف الردى عليك منيف

عجبا لامرئ يذل لذي الدنـ ـيا ويكفيه كل يوم رغيف

أيها الإخوة المؤمنون, ومما يحتاجه المؤمن كثيراً في الشتاء وغيره كذلك، المسح على الخفين، وإن من تيسير الله علينا في هذا الدين العظيم، أن أجاز الله لعباده عدداً من الرخص يترخصون بها، وفيها المسح على الخفين بدلاً من غسل الرجلين، ويلزم الإنسان عند لبس الخفين أو الشراب ـ الجورب ـ ونحوه أن يكون طاهراً متوضئاً، ويمسح عليهما عند الوضوء، إن كان مقيماً يوماً وليلة، وإن كان مسافراً ثلاثة أيام بلياليهن، وتبدأ مدة المسح على الخفين من أول مسحة عليهما, فإن لبس الإنسان خفيه عند صلاة الفجر ومسح عليهما في صلاة الظهر فابتداء المدة من الوقت الذي مسح فيه عند صلاة الظهر، فيمسح المقيم إلى مثل ذلك الوقت من الغد، وإذا تمت المدة، وهو على طهارته، فطهارته باقية حتى ينتقض وضوؤه، وإذا انتقض بعد تمام المدة وجب عليه غسل رجليه إذا توضأ، ثم يلبس من جديد، ومن تمت مدته فنسي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير