تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذن فالمسلم لا يليقُ به أن يكونَ مع هؤلاء، ولا يصاحب هؤلاء، ولا يجالس هؤلاء، ولا يركن إلى هؤلاء الذين في قلوبهم حِقد على الإسلام وأهله، بل هو ينصَح لله، وإذا تناجى فستسمع في نجواه أمرًا بخير، (لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـ?حٍ بَيْنَ ?لنَّاسِ) [النساء:114].

أمّا الذين تناجيهم أمرٌ بشرّ وتنظيم ضرر ومؤامرة دنيئة ومحاولة على ضرب الإسلام وأهله فإنّ هذه الملتقياتِ ملتقياتُ إثم وعدوان، المسلم يربَأ بنفسه عن هؤلاء وعن صُحبة أولئك وعن إعانة أولئك وعن السّكوت والتغاضي عن أولئك.

هؤلاء لا خيرَ فيهم، وليس عندهم خيرٌ ولا صلاح، ولكنّهم قوم خدِعوا وانخدَعوا وضعُف الإيمان في قلوبهم، فأصبَحوا آلةً بأيدي أعدائهم لمكيدةِ الإسلام وأهله، ولكنّ الله تعالى لا يصلح عملَ المفسدين الذين يحاوِلون الإفسادَ في الأرض بأيّ أنواع الفساد، الله لا يصلح أعمالهم، ولا يوفّقهم لأنهم أهلُ مكرٍ وخداع وتناجٍ بالباطل، فأعمالهم يخفونها عن النّاس؛ لأنّ كلاً يشجب أفعالهم، ويعلم سوءَ نواياهم وقبحَ ما يريدون، فالمسلم موقفُه من أولئك موقفٌ يشجب كلّ هذه الأحوال، ويكرهها ويكرَه أهلَها، ولا يتستّر على أحدٍ منهم، ولا يرضى عن أحدٍ منهم، وإنما ينصَح إن قبلوا النصيحة، ويحذّرهم مِن هذه المؤامرات الدنيئة إن يكن في قلوبهم بقيّة من إيمان، وإلاّ فإنه لا يتستّر عليهم، ولا يرضى بأحوالهم، إذِ الإيمان يمنع المؤمنَ من الفساد وأهله، والله ذكر عن المنافقين بقوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِى ?لأرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ ?لْمُفْسِدُونَ وَلَـ?كِن لاَّ يَشْعُرُونَ) [البقرة:11، 12].

أجل، إنّ هؤلاء مفسدون في الأرض، تناجَوا على الإثم والعدوان، والتقَت مجالسهم على الشرّ والبلاء والمكيدة للإسلام وأهله، ولكنّ الله جلّ وعلا حكيم عليمٌ فيما قضى وقدّر، سلّط الله على أولئك من هتَك أستارهم وكشف عيوبهم وأوضح باطلَهم، وأخزاهم الله، والله على كلّ شيء قدير.

فيا أيّها المسلم، كن واثقًا بالله، حريصًا على دينك قبل كلّ شيء، ثم حريصًا على أمنِ أمّتك وسلامتها، ولا تمكّن للفسّاق والأراذل الأمرَ، ولا تعِنهم على باطِلهم، وحذّر أبناءك وإخوانَك ومن تتّصِل بهم من هذه الأكاذيب والأباطيل وهذه المكايد والخيانات التي لا يرضى بها المسلم، (ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ?للَّهَ وَ?لرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَـ?نَـ?تِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال:27].

أسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياكم على دينه، وأن يذلّ من في ذلّه عزّ الإسلام وأهله، وأن يعيذنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسنَ الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمّد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعَة المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.

وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على نبيّكم محمّد كما أمرَكم بذلك ربّكم، قال تعالى: (إِنَّ ?للَّهَ وَمَلَـ?ئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ?لنَّبِىّ ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين ...


[1] أخرجه مسلم في الزكاة، باب في الكفاف والقناعة (1054) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
[2] أخرجه البخاري في الأدب، باب: من بسط له في الرزق بصلة الرحم (5986)، ومسلم في البر والصلة، باب: صلة الرحم (2557) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
[3] أخرجه مسلم في الذكر، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير