وعليه كان واجبًا على الجد أن يوصي لهؤلاء الأولاد، لأنهم أبناء ابنه، قرابة قريبة ولأنهم كما قالوا فقراء، ولأنهم يتامى " فقد اجتمع عليهم اليتم والفقر والحرمان، وقد كان على الجد أن يتدارك هذا أن يوصي لهم بشيء، في حدود الثلث. لأن الوصية في الشرع الإسلامي لا تزيد عن الثلث. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص حين سأله عما يوصي به من ماله فأجاب " الثلث - والثلث كثير ". (متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص).
هذا ما كان ينبغي أن يفعله الجد.
وبعض البلاد العربية اتخذت من هذه الآية، ومن هذا المذهب الذي يقول بها مبدأ لقانون في الأحوال الشخصية سموه " قانون الوصية الواجبة ".
مفاده بأن على الجد أن يوصي لأحفاده الذين لا يرثون بنصيب أبيهم بشرط ألا يزيد عن الثلث. . . أي أن لهم الحد الأدنى من الثلث أو نصيب الأب.
وألزم القانون الجد بهذا إلزامًا بحيث يصبح معمولاً به لأن كثيرًا من الأجداد لم يكونوا يراعون هذا، ولم يوصوا لأحفادهم، فاجتهد هؤلاء الفقهاء، اجتهادًا جيدًا، وقالوا بالوصية الواجبة التي بينتها.
هناك أمر آخر يتدارك الشرع به مثل هذا الموقف، وهو أنه كان على الأعمام حين اقتسموا تركة أبيهم أن يعطوا شيئًا من هذه التركة لأولاد أخيهم وهذا ما نص عليه القرآن، حيث قال في سورة النساء التي ذكرت فيها المواريث (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا)
إذ كيف يحضر هؤلاء القسمة، والأموال توزع، وهم ينظرون، ولا يعطون شيئًا؟ وقد قدم أولي القربى لأنهم أحق، فما بالك بأبناء الأخ اليتامى الذي كان أبوهم واحدًا منهم، فكان على الأعمام أن يعطوا هؤلاء شيئًا يتفق عليه الأعمام بحيث يكون كافيًا يكفل حاجتهم، وخاصة إذا كانت التركة كبيرة.
وإذا كان الجد مقصرًا، فقد كان على الأعمام أن يتداركوا هذا التقصير ويعطوا هؤلاء لأنهم من أقرب أولي القربى.
ثم هناك أمر ثالث يتدارك به الشرع هذا الموقف وهو: قانون النفقات في الإسلام.
إن الإسلام تميز عن سائر الشرائع بفرض النفقة على الموسر من أجل قريبه المعسر، وخاصة إذا كان من حق أحدهما أن يرث الآخر، كما هو المذهب الحنبلي، وكذلك إذا كان ذا رحم محرم كما هو المذهب الحنفي. وذلك مثل ابن الأخ.
ففي هذه الحالة تكون النفقة واجبة، وتحكم بها المحكمة، إذا رفعت إليها قضية من هذا القبيل.
إنه لا ينبغي للعم أن يكون ذا بسطة وثروة، وعنده بنات أخيه أو أبناء أخيه وليس لديهم شيء ومع هذا يدعهم، ويدع أمهم المسكينة تكدح عليهم وهو من أهل اليسار والغنى. . . هذا لا يجوز في شرع الإسلام.
بهذا انفرد شرع الإسلام وتميز.
وقد قص علينا المرحوم الدكتور محمد يوسف موسى قصة لطيفة حينما كان يدرس في فرنسا. قال:
كنا في بيت وكانت تخدمنا فيه فتاة يظهر على وجهها مخايل شرف الأصل، فهي متماسكة وعاقلة، ولا تتبذل، فسألوا عنها: فقالوا: إن عمها المليونير فلان الفلاني، فقال: لماذا لا ينفق عليها ألا تستطيع أن ترفع أمرها للمحكمة؟ فقيل له:
بأنه ليس لديهم قانون ملزم بمثل هذا. ثم سئل هل لديكم أيها المسلمون قانون ينص على ذلك؟ فقال: نعم، إن مثل هذا يجب أن ينفق على بنت أخيه، ولو رفعت دعوى إلى المحكمة لقضت لها أن تأخذ حقها منه، وألزمته بذلك إلزامًا، فقالت المرأة الفرنسية: لو كان لدينا قانون كهذا لما وجدت امرأة تخرج لتجهد في العمل، لأنها لو لم تفعل هذا لماتت جوعًا.
ولذا فإن قانون النفقة الواجبة انفرد به الإسلام دون سائر الشرائع والقوانين.
ويمكن لهؤلاء الصغار المحرومين أن يرفعوا قضيتهم للمحكمة إذا لم يعطهم الأعمام هذا الحق إلا بهذا السبيل.
والله أعلم.
ـ[محمد الرشدان]ــــــــ[24 - 11 - 10, 08:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ونفع الله بك
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[24 - 11 - 10, 05:55 م]ـ
جزاك الله خيرا
ونفع الله بك
حياك الله أخي الكريم
و أذكر أني عندما توفي جدي وكان من قبل توفي والدي رحمهما الله تحرجت من هذه المسألة فسألت عمي و عمتي وهما ورثة جدي عن هذه المسألة أي الوصية الواجبة وقلت لهم أن هذه ليست موجودة في الفقه و أن أول من أحدثها عندنا في الكويت هو الشيخ عبد الله السالم حاكم الكويت ووو وكان السؤال بقصد جس نبضهم في هذه المسألة فسدوا الباب أمامي بقوة و قالوا هذا حقك وشعرت من حديثهم أنهم سعداء بهذا الأمر ونفسهم طيبة جدا بفضل الله تعالى
فإذا كنت مبتلى أنت أخي بهذه المسألة فافعل مثل فعلي وانظر ردة فعل ورثة جدك ...
وحصل مع أخي موقف مثل هذا حيث توفيت زوجته قبل أبيها رحمهما الله فبادر إخوانها بكل سعادة و ترحيب جزاهم الله خيرا بعمل الاجراءات لأخي و أولاد أختهم حتى إن أخي لم يكن يعلم بشأن الوصية الواجبة بالنسبة للمرأة فقد كان يظن أنها خاصة بالرجال! لكنهم هم الذين اتصلوا عليه و أخبروه و مشوا بالاجراءات ...
أشعر عندنا في الكويت أن الناس غالبا سعيده بمثل هذه الوصية ويجرونها كأن المتوفي هو الذي أوصى لأبناء أبنائه ...
¥