[قصة إنشاء جمعيات تحفيظ القرآن في السعودية:]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[26 - 11 - 10, 03:17 ص]ـ
قصة إنجاز تكتب بماء الذهب
الثلاثاء 23, نوفمبر 2010
خالد بن عبد الله الفواز
قصة إنشاء جمعيات تحفيظ القرآن في السعودية من رجل أصله سيخي!!
حديثنا عن شخصية من الشخصيات التي كان لها دور كبير في مجال العمل الخيري والعمل الدعوي، ولد قبل ثمانين عاما ً تقريبا في أسرة ثرية تعيش في شبه القارة الهندية وتحديدا في باكستان.
هذه الأسرة كانت من طائفة السيخ.
وكعادة الأسر الثرية، التي تعهد بأبنائها إلى معلمين ومربين يعلمونهم ويربونهم؛ عهدت هذه الأسرة بابنها إلى معلم مسلم يتربى عنده.
تعلَّم هذا الابن وتربى على يد هذا المعلم المسلم، وتلقى منه قيم الإسلام وأخلاقه وعقيدة التوحيد، فما كان منه إلا أن أعلن دخوله في هذا الدين وأسلم لله، تعالى.
غضبت أسرته من دخول ابنها في الإسلام، فتبرأت منه.
ولكن لأن هذا الشاب رضع لبان التجارة وعاشها بفطرته؛ فقد شق طريقه حتى كوَّن له ثروة مرموقة.
تزوج وصار له أبناء، وأدخل أبناءه مدارس تحفيظ القرءان الكريم في بلدته، لكن أبناءه خذلوه ولم يستمروا في الدراسة، فشعر بالحزن؛ لأن أمله في أن يحفظ أبناؤه القرءان الكريم قد تبخر.
شعر مدير المدرسة بالألم الذي أصاب الرجل من جراء ترك أبنائه تعلُّمَ القرءان، فطرح عليه فكرة، قال: " أنت تحرص على تعليم أبنائك القرءان، فاعتبر أن جميع الطلاب الذين في هذه المدرسة هم أبناؤك، فارعهم واحرص على تعليمهم القرءان، وتبنَّ الاهتمام بهم وتطوير هذه المدرسة ".
راقت الفكرة لهذا الرجل " محمد يوسف سيتي " وفكّر في أن يطور هذه المدرسة وأن يجلب لها أفضل المعلمين من بلاد الإسلام.
وعندما سأل نفسه: أين يمكن أن يجد أفضل المعلمين لتعليم القرءان الكريم؛ لم يجد أمامه إلا إجابة واحدة؛ مكة المكرمة ستكون الموطن لهؤلاء المعلمين المتميزين.
حزم أمتعته وتوجه إلى مكة يبحث عن معلمين لتعليم القرءان الكريم، لكنه فوجئ بأنه لا توجد في مكة جهة تُعنى بتعليم القرءان الكريم، وإنما هناك مبادرات من أفراد وحِلَق وكتاتيب لتعليم القرءان الكريم تتناثر في زوايا المسجد الحرام، فطرح على نفسه سؤالاً: " أيهما أَوْلى بالاهتمام: مدرسة تُعنى بتعليم القرءان الكريم في بلدي أم في المسجد الحرام؟
فلم يجد أمامه إلا إجابة واحدة: المسجد الحرام.
عرض الشيخ محمد يوسف سيتي فكرته في إنشاء جمعية لتحفيظ القرءان الكريم في مكة المكرمة على علماء المسجد الحرام، فتحمسوا لها ودعموها، فكانت أول جمعية لتحفيظ القرءان الكريم في المملكة العربية السعودية وذلك عام 1382 هـ، وجلب لها الشيخ مائة معلم من باكستان لتعليم القرءان الكريم، وبدأت هذه الجمعية المباركة في رحاب المسجد الحرام ومساجد مكة المكرمة.
بعد سنتين، انتقل محمد يوسف سيتي إلى المسجد النبوي لنقل فكرة تأسيس جمعية لتحفيظ القرءان الكريم في المدينة النبوية، وعرض الفكرة على علماء المدينة، فرحبوا بها وتحمسوا لها.
وكانت هذه الجمعية ثاني جمعية لتحفيظ القرءان الكريم في المدينة في عام 1384 هـ.
نشطت هذه الجمعية في المسجد النبوي الشريف وفي مساجد المدينة، حتى أقبل عليها الناس لتعليم أبنائهم كتاب الله ـــ تعالى ـــ وتحفيظهم القرءان الكريم.
وفي عام 1386 هـ، انتقل إلى الرياض للفكرة نفسها، ألا وهي إنشاء جمعية القرءان الكريم في مدينة الرياض العاصمة، وعرض الأمر على سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم ـــ رحمه الله ـــ آنذاك، فما كان من الشيخ إلا أن رفع الأمر إلى الملك فيصل ـــ رحمه الله ـــ الذي وافق على الفكرة، وكلّف الشيخ محمد بن إبراهيم بالإشراف على هذه الجمعية، فاختار الشيخ أحد أبرز تلاميذه النجباء، وهو الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريان ـــ رحمه الله ـــ لتأسيس هذه الجمعية وإدارتها.
بدأت هذه الجمعية في مدينة الرياض بخمس حلقات في مساجد الرياض، ثم توسعت وتوسعت حتى زاد طلابها في وقتنا الحاضر من الذكور والإناث عن مائة وعشرين ألف طالب وطالبة.
وتوالى إنشاء جمعيات تحفيظ القرءان الكريم حتى وصل عددها إلى ما يزيد عن 120 جمعية في أنحاء المملكة.
¥