تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم في هذا العصر الحاضر اشتد البلاء على المسلمين من أعدائهم الكفار، وعظمت مصيبة المسلمين بهم، وذلك بسبب المكيدة الكبرى التي صنعوها، وهي هيئة الأمم المتحدة، وقانونها الذي يسمونه الشرعية الدولية، ويخضعون به كل من خرج عليه، وامتنع من تنفيذ بعض مقرراته الطاغوتية، ذلك القانون الذي وضعه رؤوس الكفر، وهم المتحكمون فيه، واستذلوا كل من دخل في ربقة هذا القانون، وكان عضوا في الهيئة، ممن ليس على دينهم، ففرضوا عليهم قراراتهم ومقرراتهم، واتخذوا من ذلك ذريعة إلى التدخل في شؤون سائر الدول الضعيفة، وأنشؤوا منظمات وهيئات تتابع تطبيق تلك القرارات، ومن وقاحتهم أن خصوا حق النقض بالدول الخمس الكبرى، كما يسمونها.

ومن مكرهم الكُبَّار الدعوة إلى التعايش بين جميع الشعوب، ومنع الحروب، وهو ما يسمونه السلام العالمي، وهذا ما يطالبون به غيرهم، وهم أول من ينقضه بالحروب التي يشعلونها في البلاد الإسلامية، وغزوهم بدعوى الإصلاح ورفع الظلم، مع أن من أعظم غاياتهم في قانون السلام العالمي تركَ المسلمين لجهادهم الذي فرضه الله، وجعله ذروة سنام الإسلام، وعنوانا لعز المسلمين.

وإمعانا في هذا المكر أقاموا جمعيات ومؤسسات ومؤتمرات للحوار والصداقة والتقريب بين الإسلام والنصرانية، بل وسائر الأديان، وانخدع بذلك كثير من المسلمين، وأوجب ذلك لهم التراجع وإعادة النظر في عقيدة البراء من المشركين.

ومما تعظم به البلوى أن بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الله قد وقع في هذا التراجع، ودعا إلى التعايش مع الكفار، ونبذ الكراهة والعداوة لهم، وصار يثير الشبهات في وجه من يحذر من الكافرين، ويدعو إلى البراءة منهم ومعاداتهم، ويذكر عداوتهم للمسلمين

ومن أعظم ما يفضح دول الكفر وعلى رأسها أمريكا، ويظهر كذبهم فيما يدَّعونه ويدعون المسلمين إليه من التعايش موقفهم من دولة اليهود، فهم الذين غرسوها شوكة في قلب بلاد المسلمين، وساندوها وأمدوها، وسمحوا لها بامتلاك سلاح نووي، دون دول المنطقة وغيرها من الدول الإسلامية، وهي -أي دولة اليهود- مع ذلك تضرب بقرارات هيئة الأمم عرض الحائط، لعلمها أنها في مأمن، وأن تلك القرارات أشبه بذر الرماد في العيون، كما يقال، للضحك على العرب.

هذا على أن قضية فلسطين عربية عند القوميين، وهي عند المسلمين إسلامية.

ومن المخزي ومن الذلة بمكان أن القيادات الفلسطينينة وغيرهم من العرب يعترفون لأمريكا بأنها راعية القضية الفلسطينية، وهي العدو على الحقيقة، والتي لا يهمها إلا دولة اليهود، لذلك لا توافق على أي قرار يدين اليهود، فإما أن تعارضه أو لا تصوت له.

ومن مظاهر هذا الخزي والذلة الترددُ على أمريكا في شأن القضية، ورفع الشكاوى إلى مجلس الأمن عندما يكون من اليهود اعتداء أو توسع في الاحتلال، وما مَثَل من يشكو إلى أمريكا أو مجلس الأمن إلا كمن يشكو جنود الظالم إلى الظالم نفسه، وقُطَّاعَ الطريق إلى رئيسهم.

وأصل هذا الذل والرضا بالتبعية هو إضاعةُ أمر الله، وتركُ تحكيم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحكيمُ القوانين الوضعية، وإقرارُ الشرك والبدع والمنكرات العظيمة في أكثر البلدان الإسلامية، والإقبالُ على اللهو بأنواعه، فلا طمعَ في النصر والعزة مع هذه الحال، فإن الله إنما ضمن العزة والنصر للمؤمنين، قال تعالى: [وكان حقا علينا نصر المؤمنين]، وقال سبحانه: [ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين] وقال عز وجل: [من كان يريد العزة فإن العزة لله جميعا]، وعلى هذا فلن يخلص المسجد الأقصى من سلطان اليهود إلا قوم قادمون تتوافر فيهم مقومات النصر؛ من الإيمان بالله وتحكيم شرعه وإقامة دينه، فأولئك جند الله، قال تعالى: [ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير