تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما لم يخلصه في الماضي من أيدي النصارى إلا المسلمون بقيادة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، في يوم الفتح المبين على المسلمين في سنة (583هـ) بعد اثنتين وتسعين سنة من استيلاء عباد الصليب عليه. ومنذ ذلك التاريخ وقلوب النصارى تغلي بالحقد والعداء للمسلمين فلم يزالوا يكيدون للمسلمين بأنواع الكيد الظاهر والخفي، ثم صارت لهم دولة، فعادوا لاحتلال بلاد المسلمين، وتعاونوا وتقاسموا ما وقع في أيديهم من بلدان المسلمين، وكان من أعظم مكايد الدول النصرانية إقامة دولة اليهود تنفيذا لوعد بلفور، فلم تزل هذه الدولة الملعونة موضع عناية الدول النصرانية وحمايتها.

ومع ما يظهره العرب من الاستنكار لاحتلال اليهود فإن دول الطوق قد أُخذت عليها العهود في حمايتها لليهود.

وبعد؛ فهل بعد بيان الله لعداوة الكافرين للمؤمنين، ثم شهادة الواقع بعداوتهم وعدوانهم في الحاضر والماضي، هل مع هذا يقوم منا من يدعونا إلى التعايش معهم، ونبذ الكراهة الدينية، وعدم التصريح بإطلاق اسم الكفر عليهم، وهم الكافرون حقًّا؟! ومعلوم أن الشرع والعقل يوجبان بغضهم ومعاداتهم لكفرهم وعدوانهم.

وإنا لنبرأ من هذه الدعوة دعوة التعايش مع الكفار، التي تقوم على موالاة الكافرين، وترك بغضهم، ونقول لجميع الكافرين أسوة بإبراهيم عليه السلام: [إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده].

ومما يهدم دعوة التعايش -إضافة إلى ما سبق- التصرفاتُ العدائية المفضوحة من الكفار، ومن آخرها:

1.ما نشرته بعض الصحف الدنماركية من رسوم مشوَّهة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى جميع الناس، وإقرار دولة الدنمارك لهذا التصرف، فلم تتخذ لمعاقبة هذا المجرم الذي لم يحترم مشاعر المسلمين ما يردعه وينفي التواطؤ معه، ولوعُمِل مثل هذه الرسوم لأحد حكام الدول لما أقر على ذلك خشية من قطع العلاقات المؤدية إلى تفويت المصالح.

2.ومما يدل على التضامن بين الكفار على العداء للإسلام والمسلمين ما قامت به المستشارة الألمانية انغيلا ميركل من تكريم الرسام الدنماركي المجرم كورت فيسترغارد، على "التزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي، وشجاعته في الدفاع عن القيم الديموقراطية، على رغم التهديدات بأعمال العنف والموت" كما جاء في موقع العربية الشبكي في29 رمضان 1431هـ.

3.ما دعا إليه الأسقف تيري جونز من كنيسته في فلوريدا في أمريكا من حرق المصحف على الملأ في الذكرى التاسعة للحادي عشر من سبتمبر، وإن أعلن تراجعه تحت ضغط السياسة. فالعداوة للمصحف ومن جاء به ومن يؤمن به متحققة عند الجميع من هذه الأمم الكافرة، ولكن الاختلاف في طريقة التعبير عن هذه العداوة، والجهر بها والإخفاء. وتقدير ما يترتب على مثل هذه العداوة.

وفي أثناء كتابة هذا المقال بلغني كلام للدكتور سلمان بن فهد العودة هداه الله في إحدى القنوات الفضائية، حول الجهاد في الإسلام، ومن المعاني الباطلة التي تضمنها كلامه:

1.ما سماه مصطلح جهاد الدفع والطلب، وأنه مصطلح حادث، وهو يقرر جهاد الدفع، ولكنه لا يقرر جهاد الطلب، الذي هو جهاد الكفار ابتداء، ولا يخفى مناقضة ذلك لمثل قوله تعالى: [فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله» الحديث، وقوله تعالى: [قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون]. فهل يستطيع الدكتور أن يدعي أن هذه النصوص في جهاد الدفع؟! ومعلوم أن هذا النوع من الجهاد هو الذي اتخذ منه أعداء الإسلام من المستشرقين وغيرهم مطعنا على الإسلام، فصار بعض الجهال أو المصانعين للكفار من المدافعين عن الإسلام يحصرون غاية الجهاد في الإسلام في الدفاع، لأن دفع المعتدي لا ينكره أحد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير