[النظر الى الحقائق .. صيد الخاطر ..]
ـ[أم يوسف العربي]ــــــــ[28 - 11 - 10, 12:08 م]ـ
النظر الى الحقائق
ينبغي للعاقل أن يظر الى الاصول فيمن يخالطه و يعاشره و يشاركه و يصادقه و يزوجه أو يتزوج إليه، ثم ينظر بعد ذلك في الصور فإن صلاحها دليل على صلاح الباطن.
أما الاصول فإن الشيء يرجع الى أصله و بعيد ممن لا أصل له أن يكون فيه معنى مستحسن و إن المرأة الحسناء إذا كانت من بيت رديء فقل أن تكون صينة، و كذلك أيضا المخالط و الصديق و المباضع و المعاشر.
فإياك أن تخالط إلا من له أصل يخاف عليه الدنس فالغالب معه السلامة، وإن وقع غير ذلك كان نادرا، وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لرجل: أشر علي فيمن استعمل.
فقال: أما أرباب الدين فلا يريدونك -أي لا يسألونك الرياسة- و أما أرباب الدنيا فلا تردهم و لكن عليك بالأشراف، فإنهم يصونون شرفهم عما لا يصلح. و قد روى أبو بكر الصولي قال: حدثني الحسين بن يحيى عن إسحاق قال: دعاني المعتصم يوما، فأدخلني معه الحمام، ثم خرج فخلا بي و قال: يا أبا إسحاق في نفسي شيء أريد أن أسألك عنه.
إن أخي المأمون اصطنع قوما فأنجبوا، و اصطفيت أنا مثلهم فلم ينجبوا.
قلت: ومن هم؟ قال: اصطنع طاهرا و ابنه إسحاق و آل سهل، فقد رأيت كيف هم.
و اصطنعت أنا الأفشين، فقد رأيت الى ما آل أمره، و أسناش فلم أجده شيئا، و كذلك إيتاخ و وصيف. قلت يا أمير المؤمنين، هاهنا الجواب، علي أمان من الغضب.
قال لك ذاك. قلت: نظر أخوك الى الأصول فاستعملها فأنجبت فروعها، و استعملت فروعا لا أصول لها فلم تنجب.
فقال: يا أبا إسحاق مقاساة ما مر بي طول هذه المدة أهون علي من هذا الجواب.
أما الصور فإنه متى صحت البنية و لم يكن فيها عيب فالغالب صحة الباطن و حسن الخلق و متى كان فيها عيب، فالعيب في الباطن أيضا.
فاحذر من به عاهة كالأقرع و الأعمى و غير ذلك فإن بواطنهم في الغالب ردية. ثم مع معرفة المخالط، وكمال صورته، لابد من التجربة قبل المخالطة، و استعمال الحذر لازم و إن كان كما ينبغي.
منقول من - صيد الخاطر لابن الجوزى - ص 211.