تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجميع ما ذكر هو مما أجمعت عليه أمة الإسلام ومنهم آل البيت فإن آل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حافظون لحقها ولحق باقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأخيار البررة, لما لهم من الشرف الرفيع والقدر الكبير والفضل المشهور، معتقدين أن الطاعن في أي واحد منهم آثمٌ معتدٍ مأزور، فحق الصحب الكرام (رضي الله عنهم أجمعين) واجب على جميع المسلمين، وفضلهم ومحبتهم ومعرفة مكانتهم أمرٌ لازمٌ على جميع المؤمنين.

ولم يكن في يوم من الأيام حِفْظُ حق أمهات المؤمنين ومعرفةُ حق الصحب الأكرمين سببًا لتجاهل حق قرابات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذريته المطهرين، بدءًا بالصحب الكرام, إلى الأئمة الأعلام من أمة الإسلام, فكلهم عاملون بوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في آل بيته, مكرمون لهم, عارفون لهم مكانتهم, يرون لهم في الحب حقًّا لا يشاركهم فيه غيرهم، وأخبارهم في ذلك مبسوطة طويلة في محلِّها, ومصنفاتهم شاهدة على صدقها.

فهي محبة صادقة ألفت بين قلوب الآل والأصحاب لا غلو فيها ولا جفاء, تمثل منهج الاعتدال والوسطيَّة بالمحبة المتبادلة بين القرابة والصحابة، ومن زعم غير ذلك فقد افترى إثمًا وبهتانًا عظيمًا.

ونحن إذ نخرج هذا البيان ونسطره فإنما نقوم بذلك قولًا للحق وردًّا على الباطل, ودفاعًا عن أمنا أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق (رضي الله عنها وعن أبيها) فلئن كان حقها على كل مسلم عظيمًا, فحقها علينا آل البيت أعظم, فذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزوجاته أمهات المؤمنين أهل بيت واحد, وفيهم جميعًا قال النبي عليه الصلاة والسلام في تعليمه لأمته الصلاة عليه كما في الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا:يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:قولوا اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

ومع الحق الكبير لأم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) على آل البيت بكونها واحدةً من سادة البيت النبوي (كما سبق) , فيزداد حقُّها عليهم عظمًا, بصلة قربى بين آل البيت الحسنيين والحسينيين وآل أبي بكر الصديق من جهة المصاهرة والولادة:

فقسمٌ كبير من ذرية سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) من أشراف الحجاز وأشراف المخلاف السليماني وبعض من في العراق ومصر وغيرها من البلاد الإسلاميَّة والسواد الأعظم منهم لهم صلةُ نسبٍ من أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)؛ لأن جدهم عبد الله الرضا بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي رضي الله عنهم أمه هي أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر, وأم طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن عائشة بنت طلحة بن عبيد الله وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق, كما هو منصوص عليه في كتب الأنساب المعتمدة.

ومثلهم في ذلك ذريةُ سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما): فبنو جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي رضي الله عنهم في مختلف البلاد ممن يفخرون بولادةٍ من جدِّهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه كذلك؛ فأم جعفر الصادق هي فروة بنت القاسم الفقيه بن محمد بن أبي بكر, وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر, ولهذا كان جعفر الصادق يعتزُّ بهذه الولادة فيقول (فيما يُروى عنه): ولدني أبو بكر مرتين.

فحق لنا آل البيت من هذه البطون والأصول المعروفة وغيرهم من آل البيت أن نكون أولى بأمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها من غيرنا وأن يكون واجب الدفاع عنها أوجبَ علينا منه على غيرنا وأن نكون أقوى سدٍّ وأمنع حصنٍ لجنابها الشريف من تعدي ووقيعة المفسدين ومن تطاول وإساءة المفترين.

فإن لها رضي الله عنها من خصائص التفضيل بعدما جاءت بطهارتها آيُ التنزيل عَلَمًا شامخًا ومجدًا باذخًا, ما علاه كبيرُ أحدٍ من السادة الأخيار, ولا حازه أكثرُ ذوي الأقدار، فكثير من فضائلها (رضي الله عنها) قد ثبتت بالأسانيد الصحيحة, وتزيَّنَت بعاطر سيرتها دواوين الإسلام, وتوثَّقت بعروتها كتب الحديث المعتبرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير