تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وقفة مسافر]

ـ[عبدالرحمن الصالحي]ــــــــ[04 - 12 - 10, 07:18 ص]ـ

أخي المسلم:

انك في هذه الحياة الدنيا من حين استقرت قدمك على الأرض وأنت مسافر إلي الله عز وجل، مسافر إلى الدار الآخرة، وان مدة سفرك هي عمرك الذي كتبه الله عز وجل لك، والأيام والليالي مراحل هذا السفر، فكل يوم وليلة مرحلة من هذه المراحل، فلا تزال تطويها مرحلة بعد مرحلة حتى ينتهي السفر.

قطعت شهور العمر لهوا وغفلة = ولم تحترم فيما أتيت المحرّما

فلا رجب وافيت فيه بحقه = ولا صمت شهر الصوم صوما متمما

ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي = مضى كنت قواما ولا كنت محرما

فهل لك أن تمحي الذنوب بعبرة = وتبكي عليها حسرة وتندما

وتستقبل العام الجديد بتوبة = لعلك أن تمحوا بها ما تقد ما

أخي المسافر:

قبل أيام قلائل انتهى عامك الهجري المنصرم، وطوى سجله وختم عمله، و ها أنت على باب عام جديد الله اعلم بحالك فيه، فهنيئا لمن احسن فيما مضى واستقام وويل لمن أساء وارتكب الإجرام.

سؤال مسافر:

أخي المسافر: تعال معي لنسأل أنفسنا عن هذا العام كيف قضيناه؟ ولنفتش كتاب أعمالنا كيف أمليناه؟ لنراجع أعمالنا في تصديق إيماننا بالله تعالى، لننظر في إقامة صلاتنا، لنتدبر في فرائض الله تعالى علينا كيف قمنا بها وهل أديناها حق الأداء؟ لنتدبر فيما نهى الله عز وجل عنه، وحذر عباده من التجرؤ عليه، هل ابتعدنا عنه و اجتنبناه؟ لننظر في حق الله تعالى علينا هل أديناه؟ لننظر في حق العباد هل وافيناه؟ فان كان خيرا فالحمد لله على نعمه، وان كان غير ذلك تبنا إلى الله واستغفرناه.

كم يتمنى المرء تمام شهره وهو يعلم أن ذلك ينقص من عمره .. كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره .. وشهره يهدم سنته .. وسنته تهدم عمره .. كيف يفرح من يقوده عمره إلى اجله .. وتقوده حياته إلي موته؟

وما هذه الأيام إلا مراحل يحث بها داع إلي الموت قاصد

واعجب شيء لو تأملت أننا منازل تطوى والمسافر قاعد

في النفس والكون آيات

أخي المسافر:

انظر حولك إلى هذه الشمس، كل يوم تطلع من مشرقها وتغرب من مغربها ففي طلوعها وغروبها إيذان بان هذه الحياة ليست دائمة، وإنما هي طلوع ثم غروب، انظر إلى هذه الشهور كيف تهل فينا بأهلة صغيرة كما يولد الطفل، ثم تنموا رويدا رويدا، كما تنمو الجسام حتى إذا تكامل نموها أخذت بالنقص والاضمحلال. وهكذا عمر الإنسان، فاعتبروا يا ا ولى الأبصار، انظر إلى هذه الأعوام تتجدد عاما بعد عام، فإذا دخل العام الجديد نظرت إلى آخره نظرة البعيد، ثم تمر الأيام والليالي سراعا، فينصرم العام كلمح البصر، فإذا أنت في آخر العام. وهكذا عمرك يا أخي تتطلع إلي آخره تطلع البعيد، فإذا بك قد هجم عليك الموت (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ربما يؤمل الإنسان بطول العمر، ويتسلى بحبل الأماني، فإذا بحبل الأماني قد انصرم، وببناء الأماني قد انهدم.

عبارات وعبرات

أخي المسافر:

استمع إلى كلام رسولك صلى الله عليه وسلم وهو يبين لك حقيقتك في هذه الحياة، وأهمية الاستعداد ليوم المعاد، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) ... وكان ابن عمر يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) رواه البخاري.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه إنكم تغدون وتروحون إلى اجل قد غيب عنكم علمه، فان استطعتم ألا يمضي هذا الأجل إلا وانتم في عمل صالح فافعلوا)

وقال عمر رضي الله عنه (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن لكم، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية)

وقال الحسن البصري رحمه الله ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك، يوضعك النهار إلى الليل و الليل إلى النهار، حتى يسلمانك إلى الآخرة، فمن اعظم منك يا ابن آدم خطرا؟)

قال داود الطائي (إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فان استطعت أن تقدم في كل مرحلة زاد لما بين يديها فافعل، فان انقطاع السفر عن قريب، والأمر اعجل من ذلك)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير