وقال بعضهم (لم يزل الليل و النهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال، هيهات قد صحبا نوحا وعادا وثمودا و قرونا بين ذلك كثيرا، فاصبحوا قدموا على ربهم، و وردوا على أعمالهم، واصبح الليل والنهار غضين جديدين لم يبلهما ما مرا به، مستعدين لمن بقي بمثل ما ا صابا به من مضى)
وكتب الأوزاعي إلى أخ له (أما بعد فقد أحيط بك من كل جانب واعلم انه يسار بك في كل يوم وليلة فأحذر الله،والمقام بين يديه، وان يكون آخر عهدك به .. والسلام)
نسير إلى الآجال في كل لحظة وأيامنا تطوى وهن مراحل
ولم أرى مثل الموت حقا كأنه إذا ما تخطته الأماني باطل
وما اقبح التفريط في زمن الصبا فكيف به والشيب للرأس شامل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعمرك أيام وهن قلائل
انتبه
أخي المسافر:
الغنيمة الغنيمة في اغتنام الأعمار، قبل تصّرم الليالي و الأيام، فها أنت بين عام راحل لا تدري بما رحل عنك ومضى ولا تدري أحصلت فيه على غضب من الله أم رضا وبين عام قادم لا تدري ما ابرم فيه من القضاء، ولا تدري أفي الأجل فسحة؟ أم قد بعد وانقضى، وانك على يقين من سيئات أعمال هي عليك معدودة، وفي شك من صالحات أعمال مقبولة هي أم مردودة، فعلام الغفلة يا أخي عن تدارك الخلل،والإعراض عن إصلاح النية والعمل، كأنك اتخذت من الموت عهدا وأمانا؟
كلا والله لقد ضرب لك بأخذ أمثالك أمثالا، ووعظك لو اتعظت فما ترك لقائل مقالا، وهذا كتاب الله يتلى عليك صباحا ومساءا، و زواجره عبرة تخاطبك بالنصائح كفاحا، اصمت الأسماع عن المواعظ وسدت، أم قست القلوب من كثرة الذنوب فاسودت، فاعمل لما بين يديك فلمثل هذا فليعمل العاملون. (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).
تمر ساعات أيامي بلا ندم = ولا بكاء ولا خوف ولا حزن
ما احلم الله عني حيث أمهلني = وقد تماديت في ذنبي ويسترني
أنا الذي اغلق الأبواب مجتهدا = على المعاصي وعين الله تنظرني
دعني أنوح على نفسي واندبها = واقطع الدهر بالتسبيح والحزن
دعني أسح دموعا لا انقطاع لها = فهل عسى عبرة مني تخلصني
كيف تستقبل عامك الجديد:
1 - بالتوبة النصوح 2 - عقد القلب على المحافظة على الطاعات
3 - العزم على ترك المنهيات 4 - رد الحقوق إلى أهلها واستحلالهم منها
5 - الإقبال على أهل الصلاح ومجالسهم 6 - ترك رفقاء السوء
7 - كثرة سؤال الله العصمة والتوفيق والسداد 8 - الصدق مع الله في الإقبال عليه
مسك الختام:
قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله و إنا إليه راجعون. قال الفضيل: أتعرف تفسيره تقول: إنا لله و إنا إليه راجعون!! فمن علم انه لله عبد وانه إليه راجع فليعلم انه موقوف، ومن علم انه موقوف، فليعلم انه مسئول، فليعد للسؤال جوابا، فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة. قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك فيما مضى، فانك إن أسأت فيما بقى، أخذت بما مضى وما بقى والأعمال بالخواتيم.
نسأل الله أن يحسن ختامنا و إياك .. وان يختم لنا بجنات عرضها السماوات والأرض .. انه ولي التوفيق ..
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ..