ـ[د محمد الكناني]ــــــــ[09 - 12 - 10, 12:54 م]ـ
الشيخ الفاضل عبد الرحمن السديس - وأنا متابع لكم منذ بداية ملتقى أهل الحديث أيام أبي عمر السمرقندي وابن وهب وغيرهم من مشايخ هذا المنتدى الأقوى على تلك الشبكة - ما الذي استفدناه من هذا الموضوع؟
بشكل شخصي الذي استفدته أن احذر فإنك وإن بلغت من العلم ما جعل علماء الأمة كابن باز وابن جبرين وغيرهم يدبجون فيك الثناء والتزكية فأنت معرض لانتكاس يردك القهقرى على عقبيك.
فكان اعتراضي أنه على عظم فائدة هذا الموضوع الهام لا ينسجم مع الطريقة الساخرة التي كتب بها ولو كان كتب بلغة الخوف والرجاء لكان أوقع في نفس المتلقي وهي وجهة نظر وجزاكم الله خيرا.
ـ[ابوسعود الغيث]ــــــــ[09 - 12 - 10, 01:06 م]ـ
وَسُئلَ الامام ابن تيمية رحمه الله
عن قوله صلى الله عليه وسلم: (لاغيبة لفاسق)، وما حد الفسق؟ ورجل شاجر رجلين: أحدهما شارب خمر، أو جليس فى الشرب، أو آكل حرام، أو حاضر الرقص، أو السماع للدف، أو الشبابة: فهل على من لم يسلم عليه إثم؟
فأجاب:
أما الحديث فليس هو من كلام النبى صلى الله عليه وسلم، ولكنه مأثور عن الحسن البصرى، أنه قال: أترغبون عن ذكر الفاجر؟ اذكروه بما فيه يحذره الناس. وفى حديث آخر: من ألقى جلباب الحياء، فلا غيبة له. وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء.
أحدهما: أن يكون الرجل مظهرا للفجور، مثل: الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة، فإذا أظهر المنكر، وجب الإنكار عليه بحسب القدرة، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). رواه مسلم. وفى المسند والسنن عن أبى بكر الصديق ـ رضى اللّه عنه ـ أنه قال: أيها /الناس، إنكم تقرؤون القرآن وتقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] وإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه، أوشك أن يعمهم اللّه بعقاب منه). فمن أظهر المنكر وجب عليه الإنكار، وأن يهجر ويذم على ذلك. فهذا معنى قولهم: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. بخلاف من كان مستترا بذنبه مستخفيا، فإن هذا يستر عليه، لكن ينصح سرا، ويهجره من عرف حاله حتى يتوب، ويذكر أمره على وجه النصيحة.
النوع الثانى: أن يستشار الرجل فى مناكحته ومعاملته أو استشهاده، ويعلم أنه لا يصلح لذلك، فينصحه مستشاره ببيان حاله، كما ثبت فى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قالت له فاطمة بنت قيس: قد خطبنى أبو جهم ومعاوية، فقال لها: (أما أبو جهم فرجل ضراب للنساء، وأما معاوية فصعلوك لا مال له). فبين النبى صلى الله عليه وسلم الخاطبين للمرأة. فهذا حجة لقول الحسن: أترغبون عن ذكر الفاجر! اذكروه بما فيه يحذره الناس، فإن النصح فى الدين أعظم من النصح فى الدنيا، فإذا كان النبى صلى الله عليه وسلم نصح المرأة فى دنياها، فالنصيحة فى الدين أعظم.
وإذا كان الرجل يترك الصلوات، ويرتكب المنكرات، وقد عاشره /من يخاف أن يفسد دينه، بين أمره له لتتقى معاشرته. وإذا كان مبتدعا يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة، أو يسلك طريقا يخالف الكتاب والسنة، ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك، بين أمره للناس ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله. وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه اللّه ـ تعالى ـ لا لهوى الشخص مع الإنسان: مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية، أو تحاسد، أو تباغض، أو تنازع على الرئاسة، فيتكلم بمساوئه مظهرا للنصح، وقصده فى الباطن الغض من الشخص واستيفاؤه منه، فهذا من عمل الشيطان و (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى)، بل يكون الناصح قصده أن اللّه يصلح ذلك الشخص، وأن يكفى المسلمين ضرره فى دينهم ودنياهم، ويسلك فى هذا المقصود أيسر الطرق التى تمكنه.
ولا يجوز لأحد أن يحضر مجالس المنكر باختياره لغير ضرورة، كما فى الحديث أنه قال: (من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر)، ورفع لعمر بن عبد العزيز قوم يشربون الخمر فأمر بجلدهم، فقيل له: إن فيهم صائما. فقال: ابدؤوا به، أما سمعتم اللّه يقول: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}؟! [النساء: 140] بين عمر بن عبد العزيز ـ رضى اللّه عنه ـ أن اللّه جعل حاضر المنكر كفاعله؛ ولهذا قال العلماء: إذا دعى إلى وليمة فيها منكر كالخمر والزمر، لم يجز حضورها، وذلك أن اللّه ـ تعالى ـ قد أمرنا بإنكار المنكر بحسب الإمكان، فمن حضر باختياره، ولم ينكره، فقد عصى اللّه ورسوله بترك ما أمره به، من بغض المنكروالنهى عنه. وإذا كان كذلك، فهذا الذى يحضر مجالس الخمر باختياره من غير ضرورة، ولا ينكر المنكر كما أمره اللّه، هو شريك الفساق فى فسقهم فيلحق بهم
¥