"قد أنزل الله تعالى من الآيات القرآنية ما فيه تقريع لبعض الصالحين، وتأديب لبعض الأنبياء
والمرسلين، وقد قال الله تعالى لخيار المهاجرين والأنصار {لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ} وأنزل الله في أول سورة الممتحنة في شأن حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - وشدّد
فيها على من والى أعداء الله تعالى، فقال تعالى: ? فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا
عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ?ولم يكن ذلك جرحاً في حاطب، فقد عذره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولما
قَالَ عُمَرُ دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ
عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». أخرجاه في الصحيحين
وقد ثبت في صحيح مسلم مرفوعاً: أن حاطباً يدخل الجنّة ـ رضي الله عنه ..
وقد نزل الوعيد في رفع الأصوات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فأشفق بعض أصحابه -
رضي الله عنهم- من ذلك، وكان جهوري الصوت، ولم يكن شيء من ذلك جرحاً في أحد أولئك.
وقد أنزل الله تعالى سورة " عَبَسَ " في تأديب صفوته من خلقه صلى الله عليه وسلم.
وأنزل في أول أنبيائه أدم عليه السلام: ?وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى?» الروض الباسم 1/ 127 - 128 لابن الوزير
وقال شيخ الإسلام في تفسير سورة " تبت": «"سُورَةُ تَبَّتْ" نَزَلَتْ فِي هَذَا وَامْرَأَتِهِ وَهُمَا مِنْ أَشْرَفِ بَطْنَيْنِ فِي قُرَيْشٍ وَهُوَ عَمُّ عَلِيٍّ وَهِيَ عَمَّةُ مُعَاوِيَةَ وَاَللَّذَانِ تَدَاوَلَا الْخِلَافَةَ فِي الْأُمَّةِ هَذَانِ الْبَطْنَانِ: بَنُو أُمَيَّة وَبَنُو هَاشِمٍ وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَمِنْ قَبِيلَتَيْنِ أَبْعَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتُّفِقَ فِي عَهْدِهِمَا مَا لَمْ يُتَّفَقْ بَعْدَهُمَا. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذَمُّ مَنْ كَفَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِهِ إلَّا هَذَا وَامْرَأَتَهُ فَفِيهِ أَنَّ الْأَنْسَابَ لَا عِبْرَةَ بِهَا بَلْ صَاحِبُ الشَّرَفِ يَكُونُ ذَمُّهُ عَلَى تَخَلُّفِهِ عَنْ الْوَاجِبِ أَعْظَمَ .. » اهـ. الفتاوى (16/ 602)
وقال الله سبحانه: ? وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ?
وقوله تعالى في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم-: ? يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ?
وقوله تعالى: ? وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ?
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله- في تفسيره: «وهذا الذي دلت عليه هذه الآية ? وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ .. ? من أنه إذا كانت الدرجة أعلى كان الجزاء عند المخالفة أعظم، بينه في موضع آخر. كقوله: ? يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ?.
ولقد أجاد من قال:
وكبائر الرجل الصغير صغائر ... وصغائر الرجل الكبير كبائر
.. »
وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ» رواه أحمد في المسند
وعاتبه مرة وقال لّه: «إنّك إمرؤُ فيك جاهلية»!!
وقال لمعاذ: «يا معاذ! والله إني لأحبك» رواه أبو داود وهو في صحيح الترغيب (1596)
وعاتبه مرّة ـ وقال له: «أفتان أنت يا معاذ»!!،متفق عليه.
¥