فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر الذي تربى عليه الصحابة ونشأوا عليه مخالفة الكفار حتى قال اليهود بالمدينة: " ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه ". أخرجه مسلم.
فمشابهة الكفار ولاء لهم، ودليل محبتهم. وقد ألف ابن تيمية رحمه الله كتابياً عظيماً في هذا الموضوع أسماه (اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم) وذكر أن المشاكلة في الظاهر تورث مشاكلة في الباطن.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" يحشر المرء يوم القيامة مع من أحب ". فهل تريد المرأة أن تحشر مع الكافرات، ومع هذه المذيعة وتلك المغنية؟!. إذاً فعليها الحذر من محبتهم والتشبه بهم، بل وعليها أن تتحرى مخالفتهم كما كان عليه هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
ومن الأمثلة على التشبه المحرم:
المثال الأول: لبس الدبلة في الخطبة. وهذه من عوائد النصارى ومعتقداتهم؛ فإنهم يعتقدون أن في لبسها في البنصر تعظيم للمسيح عليه الصلاة والسلام، ويعتقدون أيضاً أن هذه الدبلة إذا لبست تكون متصلة بعرق متصل بالقلب يورث المودة بين الزوجين .. إلى آخرافاتهم.
المثال الثاني: لبس الطرحة البيضاء في ليلة الزفاف. وهذا من عمل نساء النصارى عند الزواج. وهم يعتقدون بأن هذه الطرحة إذا لبست ليلة الزفاف تطرد الأرواح الشريرة، وتجعل الزواج موفقاً، ثم تتابع الكفار بعد ذلك في تقليدهم، ثم انتقل إلى كثير من المسلمين من خلال وسائل الإعلام. و الواجب مخالفتهم.
المثال الثالث: الألبسة غير الساترة وقد سبق ذكرها، ومنها القميص القصير الذي يبدوا منه وسْط البدن.
المثال الرابع: وضع نقطة سوداء بين الحاجبين أو حبة كرستال؛ تشبها ببعض الكافرات والماجنات.
المثال الخامس: لبس القميص وعليه صورة ممثل أو مغني، فهذا بالإضافة إلى حرمة الصورة، وتعظيم صاحبها، فيها تشبه أعمى بالكافرات، والفاسقات.
أيها الأخوات الفضليات إن التشبه بهؤلاء: دليلُ الانهزامية النفسية، ودليلُ الذل و الصغار لهم. ودليلٌ على أن هذه المقلدة قد أكبرت الكفار وأعظمتهم؛ فالتشبه بهم فيه إشباع للنقص الذي تعاني منه المتشبهة.
فأي عزة للمؤمنة وهي إمعة مع الكافرات و الماجنات. لقد بلغني أن نساءً أشرب في قلوبهن حب التقليد بالمذيعات والمغنيات والممثلات في اللباس وقصات الشعر، بل حتى في الحركات وطريقة الكلام، بل وفي أمور هي أدق من ذلك مما يستحيى من ذكره.
الله أكبر إنه مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه: " لتتبعن سَنَنَ مَن كان قبلكم، شبراً بشر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟! " متفق عليه.
القسم الثاني: محاذير لباس المرأة أمام الرجال الأجانب.
والمحذور في لباس المرأة أمام الرجال الأجانب يتناول جانبين: الزينة البينة، والزينة الخفية.
الجانب الأول: الزينة البينة. قال الله تعالى: " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ". فالمرأة منهية عن إبداء الزينة للرجال الأجانب. ومعنى قوله تعالى إلا ما ظهر منها؛ أي إلا ما ظهر منها عن غير قصد، أو ما لا تملك دفعه كظاهر العباءة؛ فإنه معفو عنه.
وسأذكر في جانب الزينة البينة ثلاثة أنواع:
النوع الأول: كشف الوجه، واليدين. وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم تغطيتهما وكثير من الناس يجهل ويخلط في هذه المسألة، ولذا لابد من تحرير محل النزاع بين العلماء فيها.
فأقول أولاً: محل الخلاف إنما هو الوجه واليدين، أما ما عداهما فيجب فيها التغطية بالاتفاق؛ كالقدم، والساعد، وشعر الرأس، كل هذا عورة بالاتفاق.
ثانياً: اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان فيهما زينة كالكحل في العين، والذهب والحناء في اليدين.
ثالثاً: اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان في كشفهما فتنة. وقد نص كثير من العلماء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة على وجوب تغطية الشابة لوجهها دفعاً للفتنة.
وعليه فإن كشف أكثر النساء اليوم لوجوههن أمر محرم باتفاق العلماء؛ لكونها كاشفة عن مقدمة الرأس والشعر، أو لأنها قد وضعت زينة في وجهها أويديها؛ كالكحل أو الحمرة في الوجه، أو الخاتم في اليد.
¥