قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت728هـ): " وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز. وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره " (مجموع الفتاوى 24/ 382).
قال ابن جزي الكلبي المالكي رحمه الله (ت741هـ) في تفسيره لقوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن): " كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال لهن، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليستر بذلك وجوههن " (التسهيل لعلوم التنزيل 3/ 144).
قال ابن القيم رحمه الله (ت751هـ) في إعلام الموقعين (2/ 80): " العورة عورتان: عورة النظر، وعورة في الصلاة؛ فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق و مجامع الناس كذلك، والله أعلم ".
وقال تقي الدين السبكي الشافعي رحمه الله (ت756هـ): " الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر " (نهاية المحتاج 6/ 187).
قال ابن حجر في شرح حديث عائشة رضي الله عنها وهو في صحيح البخاري أنها قالت: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ". قال ابن حجر (ت852هـ) في الفتح (8/ 347): " قوله (فاختمرن) أي غطين وجوههن ".
قال السيوطي (ت911هـ) عند قوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن): " هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن " (عون المعبود 11/ 158).
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله (ت1046هـ) في كشاف القناع (1/ 266): " الكفان والوجه من الحرة البالغة عورة خارج الصلاة باعتبار النظر كبقية بدنها ".
وغيرهم كثير ولولا خشية الإطالة لنقلت أقوالهم.
وقد قال بوجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها جمع كبير من العلماء المعاصرين، منهم أصحاب الفضيلة: عبدالرحمن بن سعدي، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ، ومحمد الأمين الشنقيطي، و عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وأبو بكر جابر الجزائري، و محمد بن عثيمين، وعبدالله بن جبرين، وصالح الفوزان، وبكر بن عبدالله أبو زيد ـ رحمهم الله، وحفظ الأحياء منهم ـ وغيرهم كثير. و أنقل هنا كلام العلامة محمد بن عثيمين. قال رحمه الله بعد أن قرر وجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها: " وإني لأعجب من قوم يقولون: إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها، ويجوز أن تكشف كفيها!! فأيهما أولى بالستر؟! أليس الكفان؛ لأن نعمة الكف وحسن أصابع المرأة وأناملها في اليدين أشد جاذبية من ذلك في الرجلين.
وأعجب أيضاً من قوم يقولون: إنه يجب على المرأة أن تستر قدميها، ويجوز أن تكشف وجهها!! فأيهما أولى بالستر؟! هل من المعقول أن نقول إن الشريعة الإسلامية الكاملة التي جاءت من لدن حكيم خبير توجب على المرأة أن تستر القدم، وتبيح لها أن تكشف الوجه؟!.
الجواب: أبداً هذا تناقض؛ لأن تعلق الرجال بالوجوه أكثر بكثير من تعلقهم بالأقدام.
(إلى أن قال رحمه الله): " أنا أعتقد أن أي إنسان يعرف مواضع الفتن ورغبات الرجال لا يمكنه إطلاقاً أن يبيح كشف الوجه مع وجوب ستر القدمين، وينسب ذلك إلى شريعة هي أكمل الشرائع وأحكمها.
ولهذا رأيت لبعض المتأخرين القول بأن علماء المسلمين اتفقوا على وجوب ستر الوجه لعظم الفتنة؛ كما ذكره صاحب نيل الأوطار عن ابن رسلان .. " (فتاوى المرأة المسلمة 1/ 403ـ404).
النوع الثاني من الزينة البينة المحرمة: لبس عباءة الكتف.
أما العباءة فحالها بين النساء اليوم مؤلم، فقد تلاعب بها تجار العباءات وتنافسوا بينهم في إخراج الأجمل، والموضةِ الجديدة. ومن أسوء هذه العباءات ما يسمى بعباءة الكتف، ثم أخذت بعد ذلك أشكالاً متنوعة، فنزل ما يسمى بالعباءة الفرنسية، والعباءة المغربية، وعباءة اللف، والعباءة المخصرة، بل ظهرت الآن بأسماءٍ وأشكال هي في غاية التبرج.
وهذه الأنواع من العباءات لا يجوز لبسها.
وذلك لأن من شروط حجاب المرأة أن لايكون زينة في نفسه، فإن كان فهو من الزينة المحرمة.
ويتفق الرجال من ذوي الطباع السوية أن هذه العباءة تلفت أنظار الرجال إليها لجمالها وجاذبيتها.
¥