تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولاً: عنِ جَرِيرٍ بن عبدالله رضي الله عنه قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ. فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ (النمار أزر من صوف مخططة) مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ ـ إلى أن قال ـ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجَزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " أخرجه مسلم.

فالنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى صاحب الصرة، وأن الناس اقتدوا به، بين فضل عمله، وأن كل الذين اقتدوا به فتصدقوا هو في ميزان حسناته من غير أن ينقص من أجورهم شيء. " مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ".

وفي الحديث أيضاً أن القدوة العملية ربما تكون أقوى في التأثير من القول، فالنبي صلى الله عليه وسلم وعظ الناس وحثهم على الصدقة، لكنهم لم يتتابعوا على الصدقة إلا بعد ما تقدمهم صاحب الصُرَّة.

فنحن بأمس الحاجة إلى المرأة القوية؛ القويةُ في إيمانها، والقويةُ في شخصيتها، لتكون قدوة للأخريات، فالناس فيهم خير كثير لكنهم بحاجة إلى القدوة. كما تأثر الصحابة بذلك القدوة صاحبِ الصرة. فالمرأة التي تركت اللبس المحرم، ولبست عباءة الرأس الساترة، ولبست القفاز والشراب، فاقتدى بها أحد من النساء، من جيرانها، و أقاربها، ومن حولها، و من لاتعرفها ممن رأينها في الطريق أو المسجد أو الكلية، وكل من اقتدى بأولئك النساء اللواتي تأثرن بها، كل ذلك في ميزان حسانتها، وربما يموت الانسان والأجر يأتيه بعد موته بسبب تلك القدوة الحسنة. فهنيئاً لك هذا الأجر العظيم أيتها المؤمنة الصالحة. فهذه رسالة أبعثها إلى المعلمة مع طالباتها في جميع المراحل الدراسية، فإن باب الدعوة إلى الله بالقدوة واسع جداً، وقد درست المئات بل الآلاف من الطالبات، فتكون قدوة حسنة في كلامها وهيئتها أمامهم، وقدوة حسنة في حجابها أثناء دخولها وخروجها من المدرسة، وما المانع أيضاً أن يكون لها كلمةٌ قصيرة توجيهية وتربوية في بعض الحصص الدراسية، أو حصص الانتظار.

وبالمقابل ففي الحديث وعيد عظيم، في قوله صلى الله عليه وسلم: " وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " وهذه رسالة إلى كل بائع لألبسة النساء والعباءات، فكل من باع عباءة متبرجة على امرأة فهو في ميزان سيئاته كلما لبستها، فانظر إلى من باع الآلافَ منها كم يتحمل من أوزار الناس، إن المؤمن لايطيق أن يتحمل أوزاره، فكيف بمن يتحمل أوزار الناس. ثم إن المال الذي تَطْعَمه، وتُطْعِمه أولادك سحت وحرام. وهذا كاف في اتخاذ القرار بترك هذا العمل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير