أخي البائعُ الكريم، هذه نصيحة مشفق صادق، فتب إلى الله توبةً نصوح، وتذكر قوله تعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ".
ومن الوعيد في هذا الحديث رسالة أخرى إلى رب المنزل، إلى الأب والزوج، فإن كل مجلة، أوشريط، أو جهاز أدخلته بيتك، ويعرض فيه الحرام؛ كصور النساء، أو يسمع فيه الحرام؛ كالغناء، فإنه في ميزان سيئاتك كلما نظر أو استمع إلى ذلك المحرم أحد من أهل البيت أو الضيوف، وربما يموت صاحب المنزل، ولا يزال يتحمل أوزارهم وهو في قبره ما داموا يشاهدون، ويستمعون فيها إلى المحرم.
وكذا الحال لمن يأمر أهله بكشف الوجه، وخلع القفاز، ولبس العباءة المتبرجة. فأثر ذلك كله في ميزان سيئاته.
ثانياً: من أهم أسباب السلامة من الخلل في شأن اللباس والحجاب: التربية الإسلامية على الحياء و الألبسة الساترة منذ الطفولة، وأن تربى على العزة في ذلك؛ فإن الطفل ينشأ بإذن الله على ما ربي عليه.
أما واقع الناس فإنهم على خلاف ذلك وهم لايشعرون. وأضرب لذلك مثالاً: انظر إلى ألبسة الأطفال الذكور في سن الخامسة والسادسة وأكثر، فمن يلبس منهم الثياب، تجد الثوب عليه واسعاً وطويلاً إلى ما دون الكعبين. وإذا قيل لوالدته إرفعوا ثوبه إلى ما فوق الكبين حتى يتربى على السنة.
كان الجواب منها، إن المنظر غير مناسب، ثم إنه سيطول بعد شهرين أو ثلاثة، وتجد قوة وإصراراً من الأبوين على ذلك.
وبالمقابل انظر إلى أخت هذا الطفل التي في سنه أو تكبره بسنة أو سنتين تجد ثوبها بدون أكمام، وطوله على أحسن الأحوال إلى نصف الساق، وربما إلى الركبة أو أعلى من ذلك.
فما سر هذه المفارقة العجيبة.
إن أكثر الأمهات يجدن تمرداً من بناتهن في سن المراهقة في اللباس والحجاب، وأهم أسباب هذا التمرد والعصيان هو تربية الأبوين.
لقد كان مضرب المثل في الحياء عند العرب (حياء البكر في خدرها) وهذا أمر فطرها الله عليه، إلا أنه بالتربية يمكن أن يمسخ هذا الحياء أو يقلل، فإذا ربيت الفتاة على الدخول على الرجال، ولبس البنطال، والقصير نشأت عليه، ولم تقبل غيره.
بل إن بعض الفتيات تستحي من تغطية الوجه، ولبس العبائة الساترة، والألبسة المحتشمة، فانظر كيف انقلب الحياء على الفتاة بسبب التربية.
ثالثاً: هذه رسالة أخص بها التاجر المسلم: إن كثيراً من الآباء والأمهات يعيشون أزمة في ألبسة البنات، فإذا بحثون في الأسواق لم يجدوا إلا القصير، وما فيه تصاوير، وغير المناسب. فإذا وجد التاجر المسلم الذي يعالج هذه المشكلة بالتصاميم المناسبة، والجودة العالية، كانت له تجارة ودعوة إلى الخير، ونفعاً للمسلمين، وقدوة حسنة يؤجر عليها. وهذا باب مغفل من التجار الأخيار.
رابعاً: إنني ألحظ بعض النساء، إذا سألت في باب الطهارة، أو الصلاة، أو الصيام، أو الحج: تكون على أتم الاستعداد لقبول الحق وتطبيقه، بل ربما تتشدد مع الشيخ وتراجعه في السؤال. وإذا كان الأمر متعلقاً بالحجاب واللباس والخلوة مع السائق كان لها حال آخر، بحثت في ذلك عن أوسع الناس في الفتوى، وتشبثت به وإن كان مخالفاً للدليل. إنه داعي الهوى، والنفس الأمارة بالسوء.
فهذه الرسالة الأخيرة إلى من لبست العباءة المتبرجة، والألبسة المحرمة، إلى من خلعت حجابها عند سفرها إلى الخارج وليس الحديث عن السفر، إلى الطبيبة والممرضة التي تسامحت و تساهلت في حجابها في المستشفيات. فإني أناشدها أن تتقي الله جل وعلا، وأن تبادر إلى التوبة إلى الله من هذه الألبسة أو ترك الحجاب الشرعي، فإن التوبة عبادة عظيمة يحبها الله. " ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً ". " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون ". " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ". وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ".
إن من سنن الله الربانية التي لاتتبدل، ولاتتحول ما جاء في قوله تعالى: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ". فقد يصاب الإنسان بالمرض، أو الهم، أو عدم النجاح والتوفيق بسبب المعصية.
¥