فليرقه ثم ليغسله سبع مرات)) أخرجه مسلم في صحيحه وما ذاك إلا لأن الأواني التي يستعملها الناس تكون في الغالب صغيرة، تتأثر بولوغ الكلب، وبالنجاسات وإن قلت، فوجب أن يراق ما بها إذا وقعت فيه نجاسة؛ أخذاً بالحيطة، ودرءاً للشبهة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)) (10/ 15).
4 - الوضوء من الماء المجتمع في إناء من أعضاء المتوضئ أو المغتسل يعتبر طاهراً.
واختلف العلماء في طهوريته، هل هو طهور يجوز الوضوء والغسل به، أم طاهر فقط، كالماء المقيد مثل: ماء الرمان وماء العنب، ونحوهما؟.
والأرجح: أنه طهور؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن إلا ابن ماجة بإسناد صحيح لكن ترك الوضوء من مثل هذا الماء المستعمل أولى وأحوط؛ خروجاً من الخلاف، ولما يقع فيه من بعض الأوساخ، الحاصلة بالوضوء به أو الغسل (10/ 18).
5 - تغير الماء بالطاهرات وبالأدوية التي توضع فيه لمنع ما قد يضر الناس، مع بقاء اسم الماء على حاله، فإن هذا لا يضر، ولو حصل بعض التغير بذلك، كما لو تغير بالطحلب الذي ينبت فيه، وبأوراق الشجر، وبالتراب الذي يعتريه، وما أشبه ذلك. كل هذا لا يضره، فهو طهور باق على حاله، لا يضره إلا إذا تغير بشيء يخرجه من اسم الماء، حتى يجعله شيئاً آخر، كاللبن إذا جعل على الماء حتى غيره وصار لبناً، أو صار شاياً، أو صار مرقاً خارجاً عن اسم الماء، فهذا لا يصح الوضوء به؛ لكونه خرج عن اسم الماء إلى اسم آخر. أما ما دام اسم الماء باقياً وإنما وقع فيه شيء من الطاهرات؛ كالتراب، والتبن، أو غير ذلك مما لا يسلبه اسم الماء فهذا لا يضره (10/ 19 - 20).
6 - السنة: الشرب منه - ماء زمزم -، كما شرب النبي صلى الله عليه وسلم منه، ويجوز الوضوء منه والاستنجاء، وكذلك الغسل من الجنابة إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نبع الماء من بين أصابعه، ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا الماء؛ ليشربوا وليتوضئوا، وليغسلوا ثيابهم، وليستنجوا، كل هذا واقع. وماء زمزم إن لم يكن مثل الماء الذي نبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فوق ذلك، فكلاهما ماء شريف، فإذا جاز الوضوء، والاغتسال، والاستنجاء، وغسل الثياب من الماء الذي نبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، فهكذا يجوز من ماء زمزم. وبكل حال فهو ماء طهور طيب يستحب الشرب منه، ولا حرج في الوضوء منه، ولا حرج في غسل الثياب منه، ولا حرج في الاستنجاء إذا دعت الحاجة إلى ذلك (10/ 27).
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[19 - 12 - 10, 11:19 م]ـ
@ كتاب الطهارة
باب الآنية:
1 - أخرج الدارقطني، وصحح إسناده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: ((من شرب في إناء ذهب أو فضة أو في إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) فقوله صلى الله عليه وسلم: ((من شرب في إناء ذهب أو فضة .... )) نهي يعم ما كان من الذهب أو الفضة، وما كان مطلياً بشيء منهما، ولأن المطلي فيه زينة الذهب وجماله، فيمنع ولا يجوز بنص الحديث، وهكذا الأواني الصغار؛ كأكواب الشاي، وأكواب القهوة، والملاعق، ولا يجوز أن تكون من الذهب أو من الفضة، بل يجب البعد عن ذلك، والحذر منه (10/ 22).
2 - الأواني من الذهب والفضة محرمة بالنص والإجماع وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق على صحته من حديث حذيفة رضي الله عنه، وثبت أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) متفق على صحته من حديث أم سلمة رضي الله عنها وهذا لفظ مسلم.
فالذهب والفضة لا يجوز اتخاذهما أواني، ولا الأكل ولا الشرب فيها، وهكذا الوضوء والغسل، هذا كله محرم بنص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. والواجب منع بيعها حتى لا يستعملها المسلم، وقد حرم الله عليه استعمالها فلا تستعمل في الشراب ولا في الأكل ولا في غيرهما، ولا يجوز أن يتخذ منها ملاعق ولا أكواب للقهوة أو الشاي كل هذا ممنوع؛ لأنها نوع من الأواني. (6/ 477).
3 - إذا كان يخشى أن يكون في هذه - آنية الكفار - الأواني خمر، أو آثار خنزير، فعليه أن يغسلها إذا احتاج إليها، ثم يأكل فيها، وإذا لم يحتج إليها فالحمد لله، وكل إناء يخشى أن يكون فيه نجاسة سواء كان للكفرة أو غير الكفرة يغسله ويأكل فيه، مثلما قال صلى الله عليه وسلم: ((فإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها)) , وهكذا الوضوء فيها لا حرج فيه بعد أن يغسلها. (10/ 23).
4 - أما الأواني: فالواجب على المسلمين أن يكون لهم أوان غير أواني الكفرة التي يستعمل فيها طعامهم وخمرهم ونحو ذلك، فإن لم يجدوا وجب على طباخ المسلمين أن يغسل الأواني التي يستعملها الكفار ثم يضع فيها طعام المسلمين؛ لما ثبت في الصحيحين، عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل في أواني المشركين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها)) (10/ 24).
5 - قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا دبغ الجلد فقد طهر) وقال: (دباغ جلود الميتة طهورها) واختلف العلماء في ذلك، هل يعم هذا الحديث جميع الجلود أم يختص بجلود الميتة التي تحل بالذكاة، ولا شك أن ما دبغ من جلود الميتة التي تحل بالذكاة كالإبل والبقر والغنم طهور يجوز استعماله في كل شيء في أصح أقوال أهل العلم.
أما جلد الخنزير والكلب ونحوهما مما لا يحل بالذكاة ففي طهارته بالدباغ خلاف بين أهل العلم؛ والأحوط ترك استعماله، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) وقوله عليه الصلاة والسلام (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (6/ 446).
¥