والمؤمن مطالب بإصلاح نفسه، ثم تعدية هذا الصلاح إلى غيره، فإذا كان سعيه في إصلاح غيره يعود على نفسه بالفساد كف عن ذلك .. وهذا يتصور وقوعه حال الفتن، وغلبة الأهواء، وقوة أهل الفساد، وتمكنهم من البلاد والعباد؛ ولذا جاء الأمر بالعزلة حال غربة الدين، وكثرة الفتن؛ للحفاظ على النفس من التردي والتبديل والانقلاب، وعلى هذه الأحوال تحمل الأحاديث والآثار، ومنها:
1 - حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عن الْمُنْكَرِ حتى إذا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كل ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ الْعَوَامَّ [7] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn7) .
2- حديث عَبْدَ الله بن عَمْرٍو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أنت إذ بَقِيتَ في حُثَالَةٍ مِنَ الناس؟ قال: قلت: يا رَسُولَ الله، كَيْفَ ذلك؟ قال: إذا مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا -وَشَبَّكَ الراوي بين أَصَابِعِهِ يَصِفُ ذَاكَ- قال: قلت: ما أَصْنَعُ عِنْدَ ذَاكَ يا رَسُولَ الله؟ قال: اتَّقِ الله عز وجل، وَخُذْ ما تَعْرِفُ، وَدَعْ ما تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِخَاصَّتِكَ وَإِيَّاكَ وَعَوَامَّهِمْ [8] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn8) .
3- قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنَّ أول ما تُغْلَبُونَ عليه من الْجِهَادِ الْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ ثُمَّ الْجِهَادُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ثُمَّ الْجِهَادُ بِقُلُوبِكُمْ، فَأَيُّ قَلْبٍ لم يَعْرِفْ الْمَعْرُوفَ وَلاَ يُنْكِرُ الْمُنْكَرَ نُكِّسَ فَجُعِلَ أَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ [9] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn9) .
4- حديث سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ قال: قال رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: آمُرُ أَمِيرِي بِالْمَعْرُوفِ؟ قال: إنْ خِفْت أَنْ يَقْتُلَك فَلاَ تُؤَنِّبْ الإِمَامَ فَإِنْ كُنْت َلاَ بُدَّ فَاعِلاً فِيمَا بَيْنَك وَبَيْنَهُ [10] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn10).
5- قول حذيفة رضي الله عنه قال: «إني لأشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله» [11] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn11) .
6- قول ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إنكم في زمن الناطق فيه خير من الصامت، والقائم فيه خير من القاعد، وسيأتي عليكم زمان الصامت فيه خير من الناطق، والقاعد فيه خير من القائم، فقال له رجل: كيف يكون أمر من عمل به اليوم كان هدى، ومن عمل به بعد اليوم كان ضلالة؟ فقال: اعتبر ذلك برجلين من القوم يعملون بالمعاصي، فصمت أحدهما فسلم، وقال الآخر: إنكم تفعلون وتفعلون فأخذوه فذهبوا به إلى سلطانهم، فلم يزالوا به حتى عمل مثل عملهم» [12] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn12) .
7- كان الأحنف رحمه الله تعالى جالساً عند معاوية رضي الله عنه فقال: «يا أبا بحر، ألا تتكلم؟ قال: إني أخاف الله إن كذبت وأخافكم إن صدقت» [13] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn13).
8- قال مطرف بن عبد الله بن الشخير رحمه الله تعالى: «لئن لم يكن لي دين حتى أقوم إلى رجل معه مئة ألف سيف أرمي إليه كلمة فيقتلني إن ديني إذاً لضيق» [14] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn14)
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى بعد أن ساق جملة من الآثار: «أجمع المسلمون على أن المنكر واجب تغييره على كل من قدر عليه، وأنه إذا لم يلحقه في تغييره إلا اللوم الذي لا يتعدى إلى الأذى، فإن ذلك لا يجب أن يمنعه من تغييره بيده، فإن لم يقدر فبلسانه، فإن لم يقدر فبقلبه، ليس عليه أكثر من ذلك، وإذا أنكره بقلبه فقد أدى ما عليه إذا لم يستطع سوى ذلك، والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأكيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جداً لكنها كلها مقيدة بالاستطاعة» [15] ( http://www.benaa.com:8686/Read.asp?PID=1874270&Sec=0#_ftn15)
¥