وطرف آخر يجفوهم ولا يأبه بهم، وإذا أخطئوا عنف عليهم وتجاوز في انتقاده لهم، فتخسرهم الأمة بسبب هذه المواقف التي يمكن اجتنابها. وينتج عن خروجهم من صف الدعوة مفاسد أهمها:
1 - ربما خسارتهم لدينهم، كمن ألحدوا أو انتهجوا مناهج الشك، أو صححوا أديان الكفار، نسأل الله تعالى العافية
2 - خسارة الأمة لطاقات نابهة.
3 - استخدام أعداء الإسلام لهم، وتجييشهم ضد الدعوة والدعاة من أوجه:
أ - الاستفادة مما لديهم من معلومات شرعية للطعن في الشريعة أو للاستدلال على ما يريدون من انحراف الناس، وقد رأينا بعد موجات الارتداد والانقلاب أن كثيرا من وسائل الإعلام التي تدعو الناس إلى الفساد والثورة على الدين صارت تعرض من النصوص والأقوال ما يؤيد شبهاتها، وكل هذا إنما يؤخذ من هؤلاء المنقلبين على أعقابهم سواء كان مباشرة وبأقلامهم أم بواسطة.
ب - محاولة إقناع المترددين بهؤلاء الذين سبقوهم إلى الانحراف، وخاصة أنهم يصفونهم بالجراءة والشجاعة والتحرر من التقليد، ويلقون في أنفسهم بأنهم رواد وطلائع للتغيير وللنهضة المنتظرة.
ت - الصد عن دين الله تعالى، كأنهم يقولون لمن يريد الاستقامة على دين الله تعالى والانتظام في سلك الصالحين: هؤلاء جربوا الطريق قبلك.
ث - كشف عورات المسلمين، بذكر ما رأوا على الصالحين والدعاة والعلماء من هفوات وزلات لا يسلم منها بشر، وتضخيمها والكذب عليها. ومن ذلك اتهام الجمعيات الخيرية أو حلقات التحفيظ أو المراكز الصيفية ونحوها.
ج - بث الشبهات في دين الله تعالى، فكثير منهم حضروا مجالس العلماء والدعاة، ويعرض فيها بعض المسائل الخلافية والمشكلة، أو التي يثيرها الخصوم فيتلقفها فإذا انقلب صار يشغب بها على العلم والعلماء والدعوة والدعاة، وقد أخذها منهم.
السبب الرابع: اختيار أضعف ما عند الخصوم من أصحاب الفرق الضالة أو التيارات الفكرية المنحرفة والرد عليه، والإلقاء في روع الأتباع أن الشبهة انتهت وأن حجة الخصم سخيفة أو ضعيفة وهي في واقع الأمر ليست كذلك، فمع الانفتاح الإعلامي والثقافي صار الشاب يطلع على ما عند الآخرين، وإذا هو ليس ضعيفا كما صوره شيخه، بل فيه قوة، ويحتاج في رده إلى حجة، فينحرف بسبب ضعف جواب شيخه، أو يجد شبهات أخرى لم يتعرض لها شيخه.
أسباب التثبيت على الحق:
من رحمة الله تعالى بعباده أنه لما ابتلى أهل الحق بفتنة أعدائهم لهم، وتسلطهم عليهم، وانقلاب بعض إخوانهم على مناهجهم فإنه سبحانه بين أسباب الثبات على الحق ليحافظ عليها من أراد الثبات، ومن تلكم الأسباب:
1 - قراءة القرآن بتدبر، ففيه قصص الثابتين على الحق للاقتداء بهم، وقصص الناكصين للحذر من سلوك مسلكهم قال الله تعالى ? قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ? [النحل: 102] وقال تعالى ? وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ? [الفرقان: 32].
2 - نصرة الدين بشتى أنواع النصرة بلسانه أو قلمه أو يده والدفع عن الإسلام؛ فإن فاته شرف الجهاد في سبيل الله تعالى بيده فلا يفوته شرف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه من الجهاد، وخير وسيلة للدفاع هي الهجوم، ومن كان ناصرا لدين الله تعالى فإنه يستحيي أن ينقلب عليه، والله تعالى وعد من نصر دينه بالنصر، والمنصور يثبت على الحق ولا ينقلب عليه، قال الله تعالى ? وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ? [الحج: 40] وقال تعالى ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ? [محمد: 7].
¥