تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الخلق يستحيل أن يكون لغير الله لأن ما عدا الله باطل معدوم وهو حقا لله وهوعظيم ببديع آياته وأسراره الرهيبة

بجلالها فالعبودية لله عز وجل أعلى درجات الكمال والعبد هو من تحرر قلبه من جميع ما سوى الله

فيكون ونعما ما يكون عبدا لله، الله الله الله أن تكون عبدا لله

والافتقار للعباد والكمال لله

ألم يقل سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز (نعم العبد) الآية

وما أعظم أن تكون عبدا لله متعبدا بتحقق فتنهل وتنال من فتوحات رحمته العظيمة

شوقا ومحبة وحنانا اليه سبحانه معظما قدر الله العزيز رغبة

ورهبة وجلالا فيغمر قلبك انشراح عظيم فسبحان من وسع كل

شيء رحمة وعلما فسبحان من تسري قيوميته في كل شيء

ولا يخرج شيء من شيء دق أو جل عن علمه وسلطانه وقهره

وكل نور تحيط به العلوم فهو مخلوق

وليس لله سبحانه نور موصوف محدود

والذي وصف الله به نفسه سبحانه ليس بمحدود ولا بمدرك ولا يحيط به علم الخلق

ونوره سبحانه أحاط بالوجود وكمال اشراقه ونفوذه في كل الموجودات للطفه

فكيف للعقل المقدور أن يستوعب حقائق أكبر منه ولا خرقت الأوهام حجب الغيوب

ولا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن وهو سبحانه ارتفع عن صفات المخلوقين

فتلاشى كل اعتقاد محدود المدارك في مجد عظمة الله وجماله وجلاله سبحانه.

والله تعالى نور السموات والأرض

وأنوار الله كلها هدايات للخلق

فالمتأمل في أعماق الحقائق القرآنية يرى عجبا عجابا، يقول عز من قائل:

(يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به) الآية، وهذا ما أسميته الأنوار اللطفية

فما كان لطيفا عن الحس يكبر عن اللمس ويغشى الكثيف ولا يعبر عنه بأكثر من

أنه موجود في عالمه الحقيقي وله وزنه الحقيقي

ألم يخلق الله تعالى الأرواح من أمر والأمر كلام من الله

وانما صار الحي حيا بقوله تعالى (كن فيكون)

فالمقدار من الرحمة أحبابي في الله في هذه الآية حقيقي له وزنه وهذه اشارة جلية لكنه غير ظاهر فالحسي المادي تغشاه أنوار

وتغمره لطائف ولا تفسير لها الا في عالم السر كما ذكرت في مقالي ألم يقل سبحانه وتعالى في محكم كتابه (فانه يعلم السر وأخفى) الآية

وبينت أن الأخفى هو ما خفي عن الخواطر والفهوم

وهذا يعطي للرؤية العلمية بعدا آخر حقيقي غير منظور وحتى على المستوى الادراكي العقلي في تفسير المادة

نجد تيهان العلماء في أعماق حقائق المادة حتى أقر بعض العلماء في الغرب أنهم عجزوا عن تفسير الكون

فكلما ترسخت المعارف لدى الانسان انقشعت لديه الحجب والغيوم ووصل بوعيه وادراكاته الى الأسمى والأرقى وصحح تصوراته عن الكون والانسان والقرار وتبينت له خيوط الحقيقة جلية مما يضفي سكينة على سماته السيكولوجية والعقلية وواكب مسارات حياته بتعقل وبصيرة مدركا كل الأبعاد المحيطة به وحقائقها الظاهرة والباطنة.

فأسس علم الفيزياء النووية لا يمكن أن يبنى فقط على المادة، لأن المادة نفسها أصبحت لغزا كمعادلات رياضية لذا لا يمكن الحسم في تفسير ماهية المادة، فالمادة والطاقة عبارة عن شيء واحد، والطاقة بأسرارها ليست منظورة تحت المجهر، فالقوانين كنسيج للموضوعات تصبح أكثر تجردا مما تراه محسوسا في أبعاد السر وما خفي منه في أبعاد مكينة وليست من المادة في شيء وعلى هذا الأساس الحق تصبح للرؤية العلمية بعدا آخر أكبر مما تتصوره العلوم الحديثة في المجاميع العلمية المتطورة التي لا تتقصى ما وراء المادة من أسرار فلا تفقه ما يحيط بهذا الواقع المركب من عالم الشهادة وعالم الغيب فالذي يستقصى بقوانين الظاهر لا يتحرك الا بقوانين الباطن ولله في خلقه شؤون.

(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّه كان حليما غفورا) الآية ُ

وهذا المسك من هذه القوى والتي هي سر هذا التوازن الجلي في الكون، وهذا ناشئ عن قدرة الله تعالى وعلمه المحيط وحكمته المطلقة التي أعطت للمادة رونقها وجمالها بنسب لا تفاوت في جزئياتها ومقاييسها وتخضع لنظم محكمة وأبعد مما نتصور، والمتأمل يرى عجبا عجابا لا يحاكي أيا من المعارف لأن طريقة عملها خاصة وفريدة ومتألقة لا تخضع لحدود سمات العقل ومواهبه ويتطلب الفهم نوعا كبيرا من الخيال، ونتيجة لعجز العلماء التام عن تفسير هذا السلوك المتفرد لبنائيات الذرة ومكنوناتها وتفاديا لهذه الورطة أطلقوا اسم (الحركة الكمية الميكانيكية) ولولا لهذه الخصائص المتفردة الغير المفهومة في طبيعة المادة والمختلفة عن كل أصناف العلوم ما كان هذا البناء الذري الذي قامت به السماوات والأرض وما لاحظنا من آيات في هذا الكون ومظاهره البديعة في الطبيعة الكونية بساحريتها وجمالها البديع وتسبيحاتها في ملكوت عظيم وترى انسجام الآيات في كل أجزاء الخلق، الله الله الله ما أعظم خلق الله.

يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز: (وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا) الآية.

وهذا الخلق البديع هو حقا لله العليم الخبير

وعلم الله أحبتي في الله صفة أزلية فعلمه سبحانه بنفسه وخلقه علم واحد يعلم نفسه بما هو له ويعلم خلقه بما هم عليه ويسمى

الحق عليما بنسبة العلم اليه مطلقا

محبكم: عمر الريسوني

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير