2 - أما حديث (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ) 30، فهو حق وهو حجة عليهم، لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة بلا خلاف، وليس في الحديث أنه إن أدرك الركوع فقد أدرك الوقفة، قلت: فحملوا لفظ (رَكْعَةً) علي الركعة الكاملة وهذا حقيقة اللفظ كما هو معروف في الشرع والعرف.
3 - أما زيادة (قبل أن يقيم الإمام صلبه) فلا تصح، وغاية الأمر أن يكون أحد الرواه توهَّم أن معني الحديث: من أدرك مع الإمام الركوع فقد أدرك الركعة، فزاد هذه الزيادة تفسيرًا في زعمه وقد جوَّز بعضهم أن تكون من زيادة الزهري فربما التبس علي بعض الضعفاء.
4 - وكذلك حديث (إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ) 31 فضعيف لا يُحتج به.وفي لفظ (إذا جئتم و الإمام راكع فاركعوا , و إن كان ساجداً فاسجدوا , و لا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع) 32، وهو ضعيف وحتي إذا صح فإنه يُؤخذ منه بدليل الخطاب، أي بمفهوم المخالفة أن الإنسان إذا أدرك الركوع يكون بذلك مدركًا للركعة. ومفهوم المخالفة ذهبت طائفة من أهل العلم إلي عدم حجيته، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله والمحققين من الأصوليين من الشافعية وغيرهم، وأبو حامد الغزالي، وهو مذهب ابن حزم وطائفة من أهل العلم، وعلي افتراض أنه حجة فإن دلالة المنطوق مقدمة بلا خلاف منهم علي دلالة المفهوم، والمنطوقات بينت أن القيام ركن لا تصح الركعة إلا به في صلاة الفرض، وبينت أيضًا أن فاتحة الكتاب ركن أو شرط لا تصح الصلاة إلا به. وهذا الذي أدرك الإمام راكعًا قد فاته القيام والقراءة.
5 - وأما حديث أبي بكرة فلا حجة لهم فيه أصلاً، لأنه ليس فيه أنه اجتزأ بتلك الركعة وأن لم يقضها وأن النبي أقره علي ذلك.ثم كيف يُحتج بحديث قال فيه النبي (وَلَا تَعُدْ)؟؟! وربما كانت (وَلَا تَعُدْ) نهيًا عن الإسراع إلي الصلاة. وقد مضي (إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) 33. وربما كان النهي علي أنه ابتدء الصلاة منفردًا خلف الصف وقد صح من حديث عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ: خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّيْنَا وَرَاءَهُ صَلَاةً أُخْرَى فَقَضَى الصَّلَاةَ فَرَأَى رَجُلًا فَرْدًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ قَالَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْصَرَفَ قَالَ (اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ لَا صَلَاةَ لِلَّذِي خَلْفَ الصَّفِّ) 34.
* إذًا هل يمكن أن يجتمع الأئمة الأربعة علي خطأ؟؟
هل قال النبي (لن تجتمع أمتي على ضلالة) 35 أم الأئمة الأربعة علي ضلالة؟؟؟
ثم يجب علينا إذا ثبت الخلاف أن ننظر في مواضع الحجة، والأئمة جميعًا كلهم مجتهد بين أجر وأجرين، فمن أصاب فله أجرين ومن جانبه الصواب فله أجر.
6 - وأما الآثار عن الصحابة فهي معارَضة بقول أبي هريرة أنه لا يعتد بالركعة حتي يدرك الإمام قائمًا 36.وليس قول بعضهم بحجة علي الآخر. ودعوي إجماع الصحابة غير صحيحة.
قال الشيخ كمال بن السيد سالم: بعد مطالعة أدلة الفريقين فالذي يظهر لي أن أدلة الجمهور لا يُطمأنَّ بمثلها إلي إسقاط رُكني القيام وقراءة الفاتحة، والأصلُ بقاء النصوص علي عمومها، واشتغالُ الذِّمة بالصلاة كاملة. والله تعالي أعلم 37.
21 متفق عليه.
22 منكر بهذا اللفظ: اخرجه ابن خزيمة والبيهقي والدارقطني والعقيلي في الضعفاء، وجعل الزيادة من كلام الزهري، وأخرجه البخاري في "جزء القراءة" من نفس الطريق بدونها وجعل البخاري زيادة "قبل أن يقيم الإمام صلبه" مدرجة من كلام الإمام الزهري كما جاء في جزء القراءة. . والحديث من طريق يحيي بن حميد وقد ضعفه أهل العلم، قال البخاري: وأما يحيى بن حميد فمجهول لا يُعتمد على حديثه غير معروف بصحة. والثقات الذين رووا هذا الحديث عن الزهري لم يذكروا هذه الزيادة منهم عبيد الله بن عمر،ويحيى بن سعيد، وابن الهاد، ويونس، ومعمر، وابن عيينة، وشعيب، وابن جريج وحسبك هؤلاء.
23 منكر: اخرجه أبو داود والدارقطني والحاكم والبيهقي وفي سنده يحيي بن أبي سليمان، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث ليس بالقوي، وقد قواه الألباني في الإرواء والصحيحة بما لا يسلَّم له فليراجع.
24 أخرجه البيهقي وفي إسناده مجهول. من طريق عبد العزيز بن رفيع وهو تابعى جليل ثقة عن رجل عن النبي.
25 رواه البخاري وغيره.
26 صحيح: اخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي.
27 صحيح: ابن أبي شيبة والطحاوي والبيهقي.
28 صحيح: أخرج الرواية الأولي الطحاوي، والثانية البيهقي، وانظر الإرواء (2/ 264).
29 رواه البخاري وغيره.
30 متفق عليه.
31 سبق تخريجه قريبًا.
32 سبق تخريجه قريبًا.
33 رواه البخاري وغيره.
34 رواه ابن ماجه وأحمد. قال الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 949 في صحيح الجامع.
35 قال الألباني: رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات رجال الصحيح خلا مرزوق مولى آل طلحة وهو ثقة.
36 وقد رواه البخاري في القراءة خلف الإمام من حديث أبي هريرة أنه قال " إن أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة .... قال الحافظ: وهذا هو المعروف عن أبي هريرة موقوفا.
37 "صحيح فقه السنة " ج 1 ص 557 - 559.