تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الرهان الخاسر!]

ـ[احمد حامد العمري]ــــــــ[27 - 12 - 10, 12:21 م]ـ

الرهان الخاسر

روى أهل التاريخ قصة الرهان الذي جرى بين قبيلة عبس وذبيان، تلك القبيلتان العربيتان، التي حصل فيها هذا الرهان بين فرسين!! أيهما يسبق؟ سميت الحرب بعد ذلك باسم الفرسين " حرب داحس والغبرا " فكان الرهان الخاسر، الذي كانت نتيجته حربا دامت أكثر من اربعين عاما، أهلكت الحرث والنسل وأكلت الأخضر واليابس، تلك المراهنة التي كان دافعها الحسد والهوى والتسلط وحب الغلبة والظلم والعدوان!، لقد غاب عنها العقل، والحكمة، والمنطق، وتقديم المصلحة العامة لكلا الفريقين، فأثمرت الحروب والدمار والتشرد والضياع وأوجدت الثارات والإحن بين القبائل العربية يتوارثها جيل عن جيل، حتى جاء الإسلام، فوحد الناس على كلمة واحدة، هي كلمة التوحيد لا إله إلا الله، وولاء واحد لله ولرسوله وللمؤمنين، ودين واحد وهو الإسلام، وكتاب واحد وهو القرآن الكريم، وأبطل عيبة الجاهلية، وفخرها، ومازال الناس بخير ما اعتصموا بكتاب الله، وجعلوه قائدهم لكل خير، وقد أمرنا الله تعالى بذلك فقال (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)

وإنه وإن نأت بنا أخبار من سبق، إلا أن العبرة تبقى، والذكرى ترسم ملامح تلك الحقبة المؤلمة من الماضي لتحذر المسلم من الوقوع في فخ مماثل، ورهان خاسر، وإن ما يجري من صراع في الساحة الفكرية، من شد وجذب! من كل طرف ليوحي بوجود صراع واختلاف، بين طرفين متناقضين هذا مشرّق!، وذاك مغرّب!، ولا يمكن أن يلتقيان! فهل نحن في "داحس والغبراء ," جديدة!!؟؟ السلاح فيها الفكر والقلم!!؟ إنها تبقى حربا أو سمها مواجهة، وإن اختلفت الأدوات لكن الغاية واحدة، والهدف واحد، وهو أنه لا يمكن اجتماع النقيضين.

تعالوا بنا نبسط الموضوع، ونحاول أن نخرج بفائدة مرجوة، حتى نضع النقاط على الحروف كما يقال! لنسلك طريق أحد الفريقين، أو نبقى على الحياد ننظر للفريقين وهما يصطرعان.

الفئة الأولى: من دعاة التغريب، باسم التقدم، والحضارة، والتطور، والتنمية، يدعون المجتمع إلى التفلّت من كل ما هو قديم، ونبذه، بحجة أن القديم سبب للتخلف، والتأخر عن ركب الأمم المتحضرة!، ومع ذلك لم يأخذوا منهم إلا ما يخالف الشريعة الإسلامية، من الدعوة إلى الاختلاط، والانفتاح على الآخر، وتقمص شخصيته، دون مراعاة لشريعة الإسلام، وأعراف وعادات المجتمعات الشرقية، فلو كانت دعوتهم لإنشاء المصانع، وتطوير الكفاءات الوطنية، والقضاء على الفساد المالي، والإداري،عبر خطوات عملية، واقتراح المشاريع النافعة، للقضاء على البطالة، وغيرها، لقبل الأمر , ولكنهم ربطوا التقدم، والانتاج، والتطور، للمجتمع بتغييره، ودعوته للانسلاخ من دينه، وعاداته وتقاليده،واستبدال العادات الغربية بها، بحجة أن ما عندنا هو سبب تخلفنا، ورهانهم الأكبر في ذلك! ما يرون من بريق الحضارة الغربية!، والدول العظمى، والتغيرات الدولية، ووجود القطب الأوحد الذي يدير العالم، خاصة بعد سقوط المعسكر الشرقي، المتمثل في الشيوعية الاشتراكية، وبروز المعسكر الغربي، المتمثل في الرأسمالية، وظهور دعوات العولمة أو الأمركة، وأن العالم يجب أن ينصهر في بوتقة واحدة، ويصبح تابعا لهذا المذهب الرأسمالي المتفرد على العالم، ومن خرج عن ذلك يصنف بأنه متمرد على القانون الدولي، يجب تأديبه و محاربته.

الفئة الثانية: من دعاة التمسك بالكتاب والسنة، على فهم السلف الصالح، والثبات عليهما، وأن التمسك بذلك، سبب لسعادة الأمة، وعلو كعبها بين الأمم، والدعوة لمحاربة كل ما يدعو إلى الانسلاخ والتحرير من أحكام الشريعة، ورهانهم الأكبر في ذلك، أن هذا دين الله الذي ارتضاه لعباده، وأمر بإبلاغه ونشره، وأنه تكفل بحفظه وبقائه، ووعد من قام به ونشره وذب عنه بالنصر والتمكين، والعزة في الدنيا وبالأجر والثواب والنعيم العظيم في الآخرة.

ولندع التاريخ يحدثنا عن مصير كل فئة! ممن سلك مسلكا يريد به الإصلاح مع أي الفريقين كانت العاقبة؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير