تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كُنا نشْكُو " الجَدْبَ " ثم صِرْنا نَشتَكِي " التُّخْمَة "!!

ـ[أبو همام السعدي]ــــــــ[27 - 12 - 10, 05:39 م]ـ

كُنا نشْكُو " الجَدْبَ " ثم صِرْنا نَشتَكِي " التُّخْمَة "!!

اللهم ربنا لكَ الحمدُ على ما أسبغت من العَطَاء , وأسبلت من الغِطَاء , ونعوذ بكَ اللهم من كفران النِّعم , وجحد العطايا والمِنَن , ونطلب منكَ ربَّنا العفو عند التَّقصير , واليسرَ عندَ التَّعسير.

فلو كانَ يستغني عن الشكر ماجدٌ ... لعزةِ مُلكٍ أو عُلو مكانِ

لمَا أمر الله العبادَ بشكرِهِ ** فقال: اشكروني أيها الثقلانِ

* إنَّ المسلمينَ ليشاهدون ما وسَّع الله به على الأمةِ الإسلاميةِ المحمديةِ توسيعاً فسيحاًً , فزادهم من عندِهِ وأعطاهم من فضلِهِ , وما ذاكَ إلاَّ ليشكروا ولا يكفروا , ويحمدوا ولا يسخطوا , ويجتهدوا ولا يتكاسلوا , فاشتعلتْ عندَهم الظنونُ وما حُقَّ لها أن تشعتل! وتسامتْ بظنهم الأفكار وما حقَّ لها أن تَسومَ! إلى أنهم من خيرِ خلقِ اللَّهِ , وأنهم يسكنونَ بينَ نعمِ اللَّه , تكريماً وإكراماً , وتحسيناً وإحساناً ....

هكذا ظنُّوا وإليهِ رمُوا!

* فأَخبتْ بظنِّهم ورميهِم لما لم يُصوِّبوه , وأسفلْ بحدِّ نَظرتهم لما لم يعتبروه , فوالله ما رعوها حقَّ رعايتها, ولا فكَّروا بها حقَّ رمايتها , إي وربي ... ! لقد تاهوا بينَ النعمِ تِطوافاً وتِرحالاً, وسكنوا بينها ذهاباً وإياباً.

تصفو الحياةُ لجاهلٍ أو غافلٍ ... عمَّا مَضَى فيها وما يُتوقَّعُ

ولمن يغالط في الحقائقِ نفسَهُ ... ويسومها طلبَ المحال فتطمعُ

* ما علموا ولا تيقظوا أنهم في الأرضِ ليُختبروا! نعم .. إنهم عن هذا غفلوا فأخطئوا .. !

* ما سمعوا ولا تبصروا أنهم تحتَ السماءِ ليبتلوا! نعم .. إنهم عن ذاكَ جهلوا فكَذبوا .. !

قال تعالى في محكمِ التنزيلِ {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} وقال {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} وقال {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} وقال {نَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} وقال {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}

* إني لأصيحُ بالنداءِ إلى رجالِ خلقِ اللهِ -أعنِي منهم الفطنَ الحصين- , وأشعل لهم الأنوار ليستضيئوا بنورِ اليقينِ , ليقارنوا بينَ هذا وذاكَ , بعدَ تغيِّر الزمانِ والمكانِ , واختلافِ الأحوالِ والأزمانِ

فما الناس بالناس الذين عهدتهم ... ولا الدارُ بالدارِ التي كنتُ أعرفُ

نعم ذهبَ الناسُ ...

ذهبَ الناس فاستقلّوا وصِرنا ... خلفاً في أراذلِ النّسناسِ

· كانَ المسلمونَ فيما عبَر الزمانَ يشكونَ جدب (اللباسَ) وقلَّتهُ, ثم صرنا نشتكي تخمةَ (الألبسةِ) وتنوعها وزينتها وكثرتها.

ليسَ الجمال بمئزرٍ ... فاعلم وإن ردِّيت برداً

إنَّ الجمالَ معادنٌ ... ومناقبٌ أورثنَ مجداً

لقدْ كانَ سلفنا في زهدٍ وشكوةٍ من قلةِ الغطاءِ, فما يجدُ الواحدُ منهم إلا إزاراً أو رداءًا.

فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ صَلَّى جَابِرٌ فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمِشْجَبِ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: تُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ فَقَالَ إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ثم جاءَ خلفُ السلفِ فأصبحَ الرجل لا يكفيه السبعةُ أثوابٍ ولا العشرةِ , ولا يكفيه العباءةُ ولا العباءتان , بل تراهُ يتذمَّمُ إن لم يكنْ عندَه من كلٍّ لِبسٍ صنفانِ , ومن كلِّ خرزٍ خرزتان!!

ألا إنما الدنيا غضارةٌ أيّكة ... إذا اخضرَّ منها جانبٌ جفَّ جانبُ

يا عبادَ الله!!

قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ حُلَلِ الإِيمَانِ يَلْبَسُ أَيَّهَا شَاءَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير