تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْل الْأُصُول مِنْ أَهْل السُّنَّة إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج فُسَّاق وَأَنَّ حُكْم الْإِسْلَام يَجْرِي عَلَيْهِمْ لِتَلَفُّظِهِمْ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمُوَاظَبَتِهِمْ عَلَى أَرْكَان الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا فُسِّقُوا بِتَكْفِيرِهِمْ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَنِدِينَ إِلَى تَأْوِيل فَاسِد وَجَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى اِسْتِبَاحَة دِمَاء مُخَالِفِيهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَالشَّهَادَة عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالشِّرْك.ا. هـ.

- ثانياً:

أنهم لم يصرحوا بالكفر وإن قالوا أقوالا تؤدي إليه لكن الحكم بالكفر لابد من قيام المقتضى له وانتفاء الموانع وسبب ذلك أنهم متأولون وكان قصدهم اتباع القرآن إلا أنهم اخطأوا التأويل ولهذا عندما ناظرهم عبدالله بن عباس رجع منهم الفان وخرج سائرهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (13/ 210):

فَإِنَّ الْخَوَارِجَ خَالَفُوا السُّنَّةَ الَّتِي أَمَرَ الْقُرْآنُ بِاتِّبَاعِهَا وَكَفَّرُوا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَمَرَ الْقُرْآنُ بِمُوَالَاتِهِمْ وَلِهَذَا تَأَوَّلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ: " وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ. الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ " [البقرة: 26 - 27] وَصَارُوا يَتَتَبَّعُونَ الْمُتَشَابِهَ مِنْ الْقُرْآنِ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَعْنَاهُ وَلَا رُسُوخٍ فِي الْعِلْمِ وَلَا اتِّبَاعٍ لِلسُّنَّةِ وَلَا مُرَاجَعَةٍ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَفْهَمُونَ الْقُرْآنَ.ا. هـ.

- ثالثاً:

مواظبتهم على أركان الإسلام ومحافظتهم عليها وعدم تفريطهم في شيء منها فمما لا شك فيه أن الخوارج أهل طاعة وعبادة فقد كانوا حريصين كل الحرص على التمسك بأهداب الدين وتطبيق أحكامه كاملة قال ابن عباس في وصفهم:

فَأَتَيْتهمْ فَدَخَلْت عَلَى قَوْم لَمْ أَرَ أَشَدَّ اِجْتِهَادًا مِنْهُمْ، أَيْدِيهمْ كَأَنَّهَا ثِفَن الْإِبِل، وَوُجُوههمْ مُعَلَّمَة مِنْ آثَار السُّجُود ....

- رابعاً:

إجماع علماء المسلمين على أن الخوارج فرقة من فرق المسلمين لم يخرجهم أحد من تلك الفرق بصفة العموم وإن خرجت بعض طوائف منهم للقطع بكفرهم كاليزيدية والميمونية.

قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر:

أَجْمَعَ عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِج مَعَ ضَلَالَتهمْ فِرْقَة مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَجَازُوا مُنَاكَحَتهمْ وَأَكْل ذَبَائِحهمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يُكَفَّرُونَ مَا دَامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِأَصْلِ الْإِسْلَام.ا. هـ.

وقَالَ اِبْن بَطَّال:

ذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج غَيْر خَارِجِينَ عَنْ جُمْلَة الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " لِأَنَّ التَّمَارِي مِنْ الشَّكّ، وَإِذْ وَقَعَ الشَّكّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُقْطَع عَلَيْهِمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْإِسْلَام، لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَقْد الْإِسْلَام بِيَقِينٍ لَمْ يَخْرُج مِنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ.ا. هـ.

وممن ذهب إلى هذا القول - وهو عدم تكفير الخوارج - رواية عن الإمام أحمد ورواية عن الإمام مالك وهو قول الشافعي في رواية.

قال الطالبي:

وأما الإمام الشافعي فإنه لم يفرق بين مذهب الخوارج وبين غيره من مذاهب الفرق الأخرى في عدم التكفير بها.ا. هـ.

وكذلك الإمام النووي في شرح مسلم (2/ 50) قال:

الْمَذْهَب الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ: أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْل الْبِدَعِ.ا. هـ.

وقال الإمام الشاطبي في الإعتصام (2/ 185):

وقد اختلفت الأمة في تكفير هؤلاء أصحاب البدع العظمى ولكن الذي يقوى في النظر وبحسب الأثر عدم القطع بتكفيرهم والدليل عليه عمل السلف الصالح فيهم .... ا. هـ.

وقال ابن قدامة في المغني (8/ 106):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير