تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المرحلةُ الأُولى

(التخصّص)

أُوصِي - والوصيّة غيرُ مُلزِمة؛ بل مُعلِمة:

أَنْ تَسْتَجْمِعَ قُوَاكَ الْعَقْلِيَّةِ وَالذِّهْنِيَّة؛ إذا عزمتَ أَمرك، ووفَّرت مِدَادك، وَشَحذْت قلمك.

وَأَنْ لاَ تَخْرُجَ عَنِ اخْتِصَاصِكَ فِي أَيٍّ مِنَ الْفُنُونِ الْعِلْمِيّة؛ الَّتِي دَرَجْتَ عَلَيْهَا؛ وهذا أمرٌ طبيعيٌّ؛ لأنّ العلوم تعود إلى أَصلين لا ثالِثَ لهما - فيما أعلم -:

الأَصل الأَوّل: علوم تُدرك بالعقل؛ خاصّة فيما يتعلّق بالحواسّ عند أنواع المخلوقات.

والأَصل الثّاني: علوم تدرك بالنّقل - أَو فيما يسمّيه البعض بالسّمعيّات أَوِ الخبريّات -؛ وهي الّتي لا تُدركُ إلاّ عن طريق الشّارع والشّرع، وَأَمّا العقل؛ فلا مجال له فيها سوى التّلقّي والتّسليم.

فالتّخصُّص والتّنوّع مطلب طبيعيٌّ لدَى الإنسان لا مفرّ له منه.

ومن المعلوم - أَيضاً -: أَنّ الاختصاص له أَهمّيةٌ من حيث الإتقانُ، والقوّةُ، والإبداعُ، والإحاطةُ، وقلّةُ الوقوع في الأخطاء، وعدَمُ الاختصاص قد يوقعك في مزالقَ؛ أَنت عنها في غَناء، وقد ذُكِر عن العلماء:

(مَنْ تَكَلَّمَ فِي غَيْرِ فَنِّهِ؛ فَقَدْ أَتَى بِالْعَجَائب).

وقالوا - أَيضاً -:

فَاعْنَ بِهِ وَلا تَخضْ بالظّنِّ ... وَلا تُؤيّدْ غيرَ أَهل الفنِّ

وقالوا - أَيضاً -:

«منْ تكلَّفَ ما جهل، ولم تثبِّتْه المعرفةُ كانت موافقتُه للصّواب غيرَ محمودة، وكان خطؤُه غيرَ مغفور؛ إذا ما نطق فيما لم يحط به علماً».

وقالوا - أَيضاً -: «لوْ تأَمّل المتأمّل بالنّظر العميق، والفكر الدّقيق؛ لَعلِم أنّ لكلّ علمٍ خاصِّيةً».

وقالو - أَيضاً -: «لولا أهلُ المحابر؛ لخطبة الزّنادقة على المنابر» - وليس اليوم إلاّ هم يخطبون -!!

وقالوا - أَيضاً -: «أَهلُ الحديث أَعظم درجةً من الفقهاء».

ولذَا؛ فقد درج العلماء قديماً وحديثاً على الاختصاص؛ فجعلوا - مثلاً -:

المحدِّثُ: منوط به دراسةُ علم الحديث روايةً ودرايةً؛ جرحاً وتعديلاً؛ فهو كلّ شيْء صدر؛ من حديث، أَو خبر، أَو أَثر، وما يتعلّق بها من أَحوال الرّواة.

الأُصولِيُّ: مَنُوطٌ به علم دراسة الأحكام الشّرعية من أَدلَّتها الأُصوليّة؛ مثلِ: القرآن، والسّنّة، والإجماع، والقياس ... إلخ، وكيفيّة دلالالتها اللّفظية والحُكميّة؛ من أَمرٍ، وَنهي، وعامّ، وخاصّ ... إلخ.

الفقيه: منوط به قسمُ العبادات، وَقسمُ المعاملات، أَوِ السّياسة المدنية؛ فهو المطلوب منه أَن يقعّد القواعد الفقهيّة؛ الّتي تُبنى من خلال علم الأُصوليّ.

المفسِّر: منوطٌ به علوم القرآن؛ من التفسير، ومعرفة أسباب النّزول، وآيات الأحكام، والجمع، والترتيب، ومعرفة المكّيّ والمدنيّ، وغير ذلك.

المتكلِّم: منوط به علم المخاصمة، والرّدّ على الفرق الضّالّة الأَربع؛ من اليهود، والنّصارى، والمشركين، والمنافقين، وأزيد: الشّيعة؛ فهم بحاجة إلى أمثال شيخ الإسلام ابن تيميّة؛ لذا لا أَنصح المبتدي بمحاولة مقارعتهم.

(ملحوظة): غالب علماء الأصول؛ من أَهل الكلام؛ بلا ملام!

الواعظ: منوط به علمُ التَّذكير بآلاء الله: كخلق السّموات والأَرَضِين، وإلهام العباد ما ينبغي لهم، وبيان صفات الله القولية، والفعلية، والذّاتية، والتّذكير بأيّام الله القادمات، والجنّة والنّار وغير ذلك.

أَخي الطّالبُ!

ذكرنا بعضَ الأمثلة على أَهميّة الاختصاص؛ وهي أَهمّ مراحل التّأْليف؛ بل هي جُمّاعُ التّصنيف.

المرحلة الثّانية

أَوّلاً: عليه أن لا يتعجّل في إخبار النّاس لأَيٍّ كان، ويستعينَ على إنجاح حاجته بالكتمان؛ لأنّ القاعدة تقول: (من تعجّل الشّيء قبل أَوانه؛ عوقب بحرمانه)؛ لكن نستثني من هذه القاعدةِ شيخَك؛ لأنّه دائم الاطّلاع، خرّيت الباع، ثمّ الأستاذ أعلم منك بدون نزاع.

وزد على ذلك:

- أنّ شيخك يوفّر عليك الوقت والْمَقْت.

- وأنّ شيخك لا يمنع الخير عنك.

- وأَنّ شيخك أَعرف منك بقدراتك.

- وأنّ شيخك يستر عليك عيوبك.

- وأنّ شيخك يحبّ لك الخير، ولا يتمنّى زوال النّعمة عنك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير