[تأويل بعض المعجزات، هل ثبت عن السلف؟]
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[14 - 05 - 03, 10:37 م]ـ
فقد أورد الحافظ في الفتح تأويل مجاهد لقوله تعالى: فقلنا لهم كونوا
قردة خاسئين .. بأنه مسخ معنوي ..
وإذا كان ذلك كذلك، فهل من يقع في تأويل بعض المعجزات يكون مبتدعا
أو يكون مخالفا للسلف، أم أن الخلاف في المسألة سائغ؟؟؟
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[15 - 05 - 03, 12:04 ص]ـ
الأخ الفاضل رضا أحمد صمدي.
أولاً نورد الأثر الذي جاء عن مجاهد في تأويل قوله تعالى: " فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَة خَاسِئِينَ " [البقرة: 65].
قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَة حَدَّثَنَا شِبْل عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد" فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَة خَاسِئِينَ " قَالَ مُسِخَتْ قُلُوبهمْ وَلَمْ يُمْسَخُوا قِرَدَة. وَإِنَّمَا هُوَ مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه" كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا ".
قال ابن كثير عن الأثر: وَهَذَا سَنَد جَيِّد عَنْ مُجَاهِد وَقَوْل غَرِيب خِلَاف الظَّاهِر مِنْ السِّيَاق فِي هَذَا الْمَقَام وَفِي غَيْره قَالَ اللَّه تَعَالَى" قُلْ هَلْ أُنَبِّئكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَة عِنْد اللَّه مَنْ لَعَنَهُ اللَّه وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير وَعَبَدَ الطَّاغُوت ".ا. هـ.
قال ابن جرير الطبري في رده على تأويل مجاهد: وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد قَوْل لِظَاهِرِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَاب اللَّه مَخَالِف , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه أَخْبَرَ فِي كِتَابه أَنَّهُ جَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير وَعَبْد الطَّاغُوت , كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ: " أَرِنَا اللَّه جَهْرَة " وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَصْعَقهُمْ عِنْد مَسْأَلَتهمْ ذَلِكَ رَبّهمْ وَأَنَّهُمْ عَبَدُوا الْعِجْل , فَجَعَلَ تَوْبَتهمْ قَتْل أَنْفُسهمْ , وَأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِدُخُولِ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة , فَقَالُوا لِنَبِيِّهِمْ: " اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " فَابْتَلَاهُمْ بِالتِّيهِ.
فَسَوَاء قَالَ قَائِل: هُمْ لَمْ يَمْسَخهُمْ قِرَدَة , وَقَدْ أَخْبَرَ جَلَّ ذِكْره أَنَّهُ جَعَلَ مِنْهُمْ قِرَدَة وَخَنَازِير , وَآخَر قَالَ: لَمْ يَكُنْ شَيْء مِمَّا أَخْبَرَ اللَّه عَنْ بَنِي إسْرَائِيل أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ الْخِلَاف عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وَالْعُقُوبَات وَالْأَنْكَال الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّه بِهِمْ.
وَمَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَأَقَرَّ بِآخَر مِنْهُ , سُئِلَ الْبُرْهَان عَلَى قَوْله وَعُورِضَ فِيمَا أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ , ثُمَّ يَسْأَل الْفَرْق مِنْ خَبَر مُسْتَفِيض أَوْ أَثَر صَحِيح. هَذَا مَعَ خِلَاف قَوْل مُجَاهِد قَوْل جَمِيع الْحُجَّة الَّتِي لَا يَجُوز عَلَيْهَا الْخَطَأ وَالْكَذِب فِيمَا نَقَلْته مُجْمَعَة عَلَيْهِ , وَكَفَى دَلِيلًا عَلَى فَسَاد قَوْل إجْمَاعهَا عَلَى تَخْطِئَته.ا. هـ.
وقال القرطبي: وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ إِنَّمَا مُسِخَتْ قُلُوبهمْ فَقَطْ , وَرُدَّتْ أَفْهَامهمْ كَأَفْهَامِ الْقِرَدَة. وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْره مِنْ الْمُفَسِّرِينَ فِيمَا أَعْلَم , وَاَللَّه أَعْلَم.ا. هـ.
فالذي يظهر من كلام العلماء أنه قول مخالف لظاهر الآية، ولا يبدع بسببه مجاهد رحمه الله. والله أعلم.
ـ[أخو من طاع الله]ــــــــ[15 - 05 - 03, 12:13 ص]ـ
لا شك أن مجاهدًا لا يُبدّع ..
ولكن، هل كل من أوَّل معجزة، يسلم من التبديع كما قيل في مجاهد؟!
إن كان خلافه في معجزة معيّنة، وفي تفسير نصٍّ، كما فعل مجاهد، فلا شكَّ أن هذا لا يوجب تبديعه.
وأما إن كان أصلاً عنده في تأويل المعجزات الخارقة، وتفسيرها بأمور ممكنة أو مألوفة، فلا شكَّ أنَّه والغ في البدعة، خارج عن سبيل المؤمنين في الإيمان بالمعجزات، سالكٌ سبيل المعتزلة المبتدعة في رد النصوص الصحيحة والقواعد المجمع عليها.
وغالب العصريين، الذين يخالفون في هذه المعجزات من النوع الثاني.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[15 - 05 - 03, 08:23 ص]ـ
ثمَّة فرق واضح بين من ينكر دلالة آية لشبةٍ ما، وبين من يمشي على قاعدة يطردها في كل الآيات المتشابهات في أمر ما. هذه واحدة.
والأمر الآخر أنَّ المسألة ليست في تبديع مجاهد رحمه الله أو نفي البدعة عنه؛ لأنه قد تأوَّل وهو عالم يخطيء ويصيب، وله زلة تطوى أو تغتفر، ثم لم يثبت إقامة الحجة عليه.
وإنما القضية فيمن اتبع مثل هذه الآثار لبدعةٍ أسسها وقاعدة طردها في نصوص الكتاب والسنة، وإنما يستشهد ويتعلَّق بقول مجاهد هذا من باب: ((وإن يكن له الحق يأتوا إليه مذعنين))، إن كان حقاً، وليس هو كذلك.
¥