تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

محاور الشيخ: بالنسبة لتفسير القرآن ربما الآن أكثر من زمان الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فمثلاً الآية القرآنية ((وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)) (النمل:88) فلو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأحد في زمانه إن الأرض تدور هل كان سيصدقه أحد؟! ما كان صدقه أحد.

الشيخ الألباني: إذاً أنت تريدنا – ولا مؤاخذة – أن نسجل عليك حيدةً ثانية. يا أخي أنا أسأل عن الكل لا عن الجزء، نحن نسأل سؤالاً عاماً:

الإسلام ككل من هو أعلم به؟

محاور الشيخ: طبعاُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته.

الشيخ الألباني: هذا الذي نريده منك بارك الله فيك.

ثم التفسير الذي أنت تدندن حوله ليس له علاقة بالعمل، له علاقة بالفكر والفهم. ثم قد تكلمنا معك حول الآية السابقة وأثبتنا لك أن الذين ينقلون الآية للاستدلال بها على أن الأرض تدور مخطؤون لأن الآية تتعلق بيوم القيامة ((يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).

لسنا على كل حال في هذا الصدد.

وأنا أسلِّم معك جدلاً أنه قد يكون رجلاً من المتأخرين يعلم حقيقة علمية أو كونية أكثر من صحابي أو تابعي الخ؛ لكن هذا لا علاقة له بالعمل الصالح؛ فاليوم مثلاً العلوم الفلكية ونحوها الكفار أعلم منا فيها لكن مالذي يستفيدونه من ذلك؟ لاشيء. فنحن الآن لا نريد أن نخوض في هذا اللاشيء، نريد أن نتكلم في كل شيء يقربنا إلى الله زلفى؛ فنحن الآن نريد أن نتكلم في المولد النبوي الشريف.

وقد اتفقنا أنه لو كان خيراً لكان سلفنا الصالح وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم به منا وأسرع إلى العمل به منا؛ فهل في هذا شك؟

محاور الشيخ: لا، لا شك فيه.

الشيخ الألباني: فلا تحد عن هذا إلى أمور من العلم التجريبي لا علاقة لها بالتقرب إلى الله تعالى بعمل صالح.

الآن، هذا المولد ما كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم - باتفاق الكل – إذاً هذا الخير ماكان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين،

كيف خفي هذا الخير عليهم؟!

لابد أن نقول أحد شيئين:

علموا هذا الخير كما علمناه – وهم أعلم منا –، أو لم يعلموه؛ فكيف علمناه نحن؟!

؛ فإن قلنا: علموه؛ - وهذا هو القول الأقرب والأفضل بالنسبة للقائلين بمشروعية الاحتفال بالمولد - فلماذا لم يعملوا به؟! هل نحن أقرب إلى الله زلفى؟! –

لماذا لم يُخطيء واحدٌ منهم مرة صحابي أو تابعي أو عالم منهم أو عابد منهم فيعمل بهذا الخير؟!

هل يدخل في عقلك أن هذا الخير لا يعمل به أحدٌ أبداً؟! وهم بالملايين، وهم أعلم منا وأصلح منا وأقرب إلى الله زُلفى؟!

أنت تعرف قول الرسول صلى الله عليه وسلم _ فيما أظن _:

((لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَهُ)).

أرأيت مدى الفرق بيننا وبينهم؟!

لأنهم جاهدوا في سبيل الله تعالى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقوا العلم منه غضاً طرياً بدون هذه الوسائط الكثيرة التي بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم، كما أشار صلى الله عليه وسلم إلى مثل هذا المعنى في الحديث الصحيح:

((من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأهُ على قراءة ابن أم عبد)) يعني عبد الله بن مسعود.

" غضاً طرياً " يعنى طازج، جديد.

هؤلاء السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم لايمكننا أن نتصور أنهم جهلوا خيراً يُقربهم إلى الله زلفى وعرفناه نحن وإذا قلنا إنهم عرفوا كما عرفنا؛ فإننا لا نستطيع أن نتصور أبداً أنهم أهملوا هذا الخير.

لعلها وضحت لك هذه النقطة التي أُدندنُ حولها إن شاء الله؟

محاور الشيخ: الحمد لله.

الشيخ الألباني: جزاك الله خيراً.

هناك شيء آخر، هناك آيات وأحاديث كثيرة تبين أن الإسلام قد كَمُلَ _ وأظن هذه حقيقة أنت متنبه لها ومؤمن بها ولا فرق بين عالم وطالب علم وعامِّي في معرفة هذه الحقيقة وهي: أن الإسلام كَمُلَ، وأنه ليس كدين اليهود والنصارى في كل يوم في تغيير وتبديل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير