قال ((ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه، وأُنزل القرآن عليَّ فيه.))
ما معنى هذا الكلام؟
كأنه يقول: كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه، وأنزل عليَّ الوحي فيه؟!
أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله تعالى على خلقه لي فيه وإنزاله الوحي عليَّ فيهِ.
وهذا على وزان صوم اليهود يوم عاشوراء، ولعلكم تعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين.
وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ فسألهم عن ذلك؛ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنده فصمناه شكراً لله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((نحن أحق بموسى منكم)) فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله تعالى:
((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)).
فصار صوم عاشوراء سنة ونسخ الوجوب فيه.
الشاهد من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله تعالى أن نجى موسى من فرعون؛ فنحن أيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم الذي أُوحي إليه فيه.
الآن أنا أسألك: هولاء الذين يحتفلون بالمولد الذي عرفنا أنه ليس إلى الخير بسبيل أعرف ان كثيراً منهم يصومون يوم الاثنين كما يصومون يوم الخميس؛ لكن تُرى أكثر المسلمين يصومون يوم الاثنين؟
لا، لا يصومون يوم الاثنين، لكن أكثر المسلمين يحتفلون بالمولد النيوي في كل عام مرة! أليس هذا قلباً للحقائق؟!
هؤلاء يصدق عليهم قول الله تعالى لليهود:
((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
هذا هو الخير: صيام متفق عليه بين المسلمين جميعاً وهو صيام الاثنين ومع ذلك فجمهور المسلمين لا يصومونه!!
نأتي لمن يصومه وهم قلة قليلة: هل يعلمون السر في صيامه؟ لا لا يعلمون.
فأين العلماء الذين يدافعون عن المولد لماذا لا يبينون للناس أن صيام الاثنين هو احتفال مشروع بالمولد ويحثونهم عليه بدلاً من الدفاع عن الاحتفال الذي لم يُشرع؟!!
وصدق الله تعالى ((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:
((للتتبعنَّ سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه))
وفي رواية أخرى خطيرة ((حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك)).
فنحن اتبعنا سنن اليهود؛ فاستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير، كاستبدالنا المولد النبوي الذي هو كل سنة وهو لا أصل له بالذي هو خير وهو الاحتفال في كل يوم اثنين وهو احتفال مشروع بأن تصومه مع ملاحظة السر في ذلك وهو أنك تصومه شكراً لله تعالى على أن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وأنزل الوحي فيه.
وأختم كلامي بذكر قوله صلى الله عليه وسلم:
((أبى الله أن يقبل توبة مبتدع)).
والله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ))
وقد جاء في صحيح مسلم أن أحد التابعين جاء إلى السيدة عائشة
محاور الشيخ: قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أليس تكريماً له؟
الشيخ الألباني: نعم
محاور الشيخ: فيه ثواب هذا الخير من الله؟
الشيخ الألباني: كل الخير. ما تستفيد شيئاً من هذا السؤال؛ ولذلك أقاطعك بسؤال: هل أحد يمنعك من قراءة سيرته؟
أنا أسألك الآن سؤالاً: إذا كان هناك عبادة مشروعة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما وضع لها زمناً معيناً، ولا جعل لها كيفية معينة؛ فهل يجوز لنا أن نحدد لها من عندنا زمناً معيناً، أو كيفية معينة؟ هل عندك جواب؟
محاور الشيخ: لا، لا جواب عندي.
الشيخ الألباني: قال الله تعالى: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ))
وكذلك يقول الله تعالى:
¥