تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحريم الشريعة للذرائع]

ـ[زوجة وأم]ــــــــ[23 - 05 - 03, 07:38 ص]ـ

قال ابن القيم الجوزية رحمه الله:

((وإذا تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات، وذلك عكس باب الحيل الموصلة إليها. فالحيل وسائل وأبواب إلى المحرمات، وسد الذرانع عكس ذلك. فبين البابين أعظم تناقض، والشارع حرم الذرائع، وإن لم يقصد بها المحرم، لإفضائها إليه. فكيف إذا قصد بها المحرم نفسه؟.

فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين، لكونه ذريعة إلى أن يسبوا الله سبحانه وتعالى عدوا وكفرا، على وجه المقابلة.

وأخبر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن: " من اكبر الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل، فيسب أباه. ويسب أمه فيسب أمه ".

ولما جاءت صفية رضي الله تعالى عنها تزوره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وهو معتكف قام معها، ليوصلها إلى بيتها، فرآهما رجلان من الأنصار فقال: " على رسلكما، إنها صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله! يا رسول الله. فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ".

فسد الذريعة إلى ظنهما السوء بإعلامهما أنها صفية.

وأمسك صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن قتل المنافقين، مع ما فيه من المصلحة، لكونة ذريعة إلى التنفير، وقول الناس؟ إن محمدا يقتل أصحابه.

وحرم القطرة من الخمر، وإن لم تحمل بها مفسدة الكثير، لكون قليلها ذريعة إلى شرب كثيرها.

وحرم إمساكها للتخليل، وجعلها نجسة، لئلا تفضي مقاربتها بوجه من الوجوه إلى شربها.

ونهى عن الخليطين وعن شرب العصير والنبيذ بعد ثلاث، وعن الانتباذ في الأوعية التي لا يعلم بتخمير النبيذ فيها. حسما للمادة، وسدا للذريعة.

وحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية، والسفر بها، والنظر إليها لغير حاجة. حسما للمادة وسدا للذريعة.

ومنع النساء إذا خرجن إلى المسجد من الطيب والبخور.

ومنعهن من التسبيح في الصلاة لنائبة تنوب. بل جعل لهن التصفيق.

ومنع المعتدة من الوفاة من الزينة والطيب والحلي.

ومنع الرجل من التصريح بخطبتها في العدة، وإن كان إنما يعقد النكاح بعد اتقضائها.

ونهى المرأة أن تصف لزوجها امرأة غيرها، حتى كأنه ينظر إليها.

ونهى عن بناء المساجد على القبور، ولعن فاعله.

ونهى عن تعلية القبور وتشريفها وأمر بتسويتها.

ونهى عن البناء عليها وتجصيصها، والكتابة عليها، والصلاة إليها وعندها، وإيقاد المصابيح عليها. كل ذلك سدا لذريعة اتخاذها أوثانا. وهذا كله حرام على من قصده ومن لم يقصده، بل على من قصد خلافه، سدا للذريعة.

ونهى عن الصلاة عند طلوع الشمس، وعند غروبها، لكون هذين الوقتين وقت سجود الكفار للشمس. ففي الصلاة نوع تشبه بهم في الظاهر. وذلك ذريعة إلى الموافقة والمشابهة في الباطن، وكذلك النهي عن الصلاة بعد العصر، وبعد الفجر، وإن لم يحضر وقت سجود الكفار للشمس، مبالغة في هذا المقصود، وحماية لجانب التوحيد، وسدا لذريعة الشرك بكل ممكن.

ومنع من التفرق في الصرف قبل التقابض، وكذلك الربوى إذا بيع بربوى آخر، من غير جنسه، سدا لذريعة النساء، الذي هو صلب الربا ومعظمه، بل من منع بيع الدرهم بالدرهمين نقدا، سدا لذريعة ربا النساء، كما علل صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بذلك في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، وهذا أحسن العلل في تحريم ربا الفضل.

وحرم الجمع بين السلف والبيع، لما فيه من الذريعة إلى الربح في السلف، بأخذ أكثر مما أعطى، والتوسل إلى ذلك بالبيع أو الإجازة، كما هو الواقع.

ومنع البائع أن يشتري السلعة من مشتريها بأقل مما اشتراها به، وهي مسألة العينة، وإن لم يقصد الربا، لكونه وسيلة ظاهرة واقعة إلى بيع خمسة عشرنسيئة بعشرة نقدا.

وحرم جمع الشرطين في البيع، لكونه وسيلة إلى ذلك، وهو منطبق على مسالة العينة.

ومنع من القرض الذي يجر النفع، وجعله ربا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير