تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تفصيل الجواب الثالث: إننا عندما نقول الناس محتاجون فإننا نستورد جميع الدلالات الظاهرة ( denotations) والمؤولة ( connotations) لقولنا: "محتاجون". وبتكرار هذه الكلمة من قبل بعض مدربي البرمجة يتكرس في أذهان البسطاء من الناس تنوعاً كبيرا من جميع أو بعض الاحتمالات المفترضة لهذه الكلمة. والحقيقة أننا لا نحب للناس إلا ما نحب لأنفسنا ولذلك ينبغي أن نحذر من أن نساهم (كمتخصصين في البرمجة) في انجراف بسطاء المسلمين بلا تعقل وظبط وراء العبارة أعلاه وهي مسؤوليتنا بالدرجة الأولى كمتخصصين في البرمجة اللغوية العصبية وهذا مما تقتضيه الأمانة في التعامل مع مشاعر الناس وعواطفهم وقيمهم ومعتقداتهم. فالناس ليسوا بالضرورة "محتاجون" وإنما "مستفيدون" أكثر مما هم محتاجون لهذا العلم ولهذا عندما نقرر ككمارسين أو مدربين مساعدة فلان من الناس بواسطة البرمجة فإنه نسميه "مستفيد" ونسمي العملية التي نساعد بها الشخص "مساندة" ولا نسميه "مريض" أو "معلول" ولانسمي عملية المساندة "علاج" أو "دواء" أو غيرها من التسميات التي توحي بحاجة الناس الماسة لهذا العلم ولو كان الناس "المستفيدون" من هذا العلم "مرضى" لكانت البرمجة اللغوية العصبية داخلة في دائرة "الضروريات" وفي أقل الأحوال دائرة "الحاجيات" على حسب تصنيف علم الأصول في الشريعة فيما يتعلق بدرجات ومراتب المصالح، مع أن هناك احوال كثيرة لاتتعدى فيها البرمجة كونها منطلقة من دائرة "التحسينيات" فحسب وهذا يختلف باختلاف حاجة الناس للبرمجة فبعضهم لا تضيف له البرمجة شيئا والبعض الآخر "يستفيد" منها كثيراً وهكذا ولذلك من أفضل التعاريف التي اقترحها شخصيا للبرمجة هي:

"علم أو فن (أو شيء!!) يبعث في الناس المستفيدين أشياء (طاقات، مهارات، قيم، معتقدات ... الخ) كان من المفترض أن تكون فيهم ولديهم من دون أن يدرسوا البرمجة ولكن البرمجة جاءت لتساعد على بعثها وشحذها او تعزيزها فيمن يملكونها او يملكون بعضها من قبل"

هذا التعريف ينفي انتفاء استفادة الناس من البرمجة وفي ذات الوقت يعترف بقدرة الإنسان على بلوغ هدفه القيمي والأخلاقي في الحياة بنجاح من دون أن يلجأ إلى البرمجة. ولذلك كانت البرمجة، وخاصة النمذجة فيها، اصلها مستنبطة من معايرة سلوك المتفوقين والناجحين في بعض جوانب حياتهم كفرجينيا ساتير وميلتون وغيرهم ولم تأت البرمجة بشيء غير ما ينبغي ويفترض أن يكون في طبيعة النفس البشرية من وسائل محققة لتفوق معين لا التفوق المطلق. ولذلك فالذي عرف نفسه ورغباته وحققها من دون دراسة البرمجة أكمل وأفضل من ناحية السبق والتقدم والرتبة (لا من حيث الأصل) ممن لم يعرف نفسه وأهدافه وقيمه إلا بعد دراسة البرمجة. ولذلك تجد من الناس من لم تضف له البرمجة شيئا في حياته لأنه بفضل من الله قد عرف نفسه وقدراته واهدافه من قبل وتجد من الناس من يتفاجأ بفائدة البرمجة لأنها ساعدته على "اكتشاف نفسه" و "معرفة قدراته" التي لم يكن يدري عنها قبل ذلك فيظن هذا الأخير أن الناس كلهم مثله من حيث الاحتياج لها فيهرع إلى كل الناس يبشرهم بالفائدة المدهشة للعلم الجديد. ومن هنا يتبين لنا نسبية فائدة هذا العلم (إن شئتم أن نسميه علماً أو فناً أو غيره) للناس الذين يباشرونه. كما أن الناس يتفاوتون من حيث استفادتها من هذا العلم فيكون من يستفيد منه استفادة بالغة ممن يروج للبرمجة ضمن دائرة الضروريات ومن استفاد منه استفادة متوسطة يروج له ضمن دائرة الحاجيات ومن استفاد منه استفادة ترفية سطحية أو قل استفادة قليلة يروج له ضمن دائرة التحسينيات وعليه فأنصح إخواني من بعض مدربي البرمجة ألا يروجوا للبرمجة وكأنها لا تنتمي إلا لدائرة الضروريات أو الحاجيات كما أنصح، بالمقابل، بعض إخواني ممن لم يقف على حقيقتها ألا يحصروا البرمجة ضمن دائرة التحسينيات فحسب هكذا على الإطلاق لأن كل بحسبه ولكل مقام مقال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير