[من دروس التاريخ 1 - 3 ... في فقه الدعوة السلفية]
ـ[أبو العبدين المصرى السلفي]ــــــــ[13 - 06 - 03, 01:51 ص]ـ
http://www.alasr.ws/index.cfm?fuseaction=*******&*******id=4148&categoryID=22
مجلة العصر قضية وآراء ...
[من دروس التاريخ 1 - 3 ... في فقه الدعوة السلفية]
أسامة شحادة
09/ 06/2003
إن التاريخ يحوي دروساً مهمة لمن يحسن الاستفادة منها, وهذه الدروس يمكن لها أن توفر على الدعوة والداعية أحياناً كثيرة مراحل وتجارب مريرة!! وصدق الشاعر حين قال:
اسألوا التاريخ إذ فيه العبر ضل قوم ليس يدرون الخبر
ومن التاريخ المُغفل تاريخ الدعوات السلفية في أنحاء الأرض قاطبة حيث لا يوجد إلى لآن مرجع أو مراجع تُعنى بدراسة تاريخ الدعاة والدعوات والدول والتجارب السلفية قديماً وحديثاً عربياً وإسلامياً. وأريد أن أسلط الضوء على تجربة مهمة ومشهورة لكن البعد التاريخي لها مقزم! وغير مدروس بشكل جيد ألا وهي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد.
وسوف أعتمد على مرجع معاصر ورسمي في الاستشهاد ببعض الأحداث التاريخية وقراءة محتواها، وسبب الاعتماد على هذا المرجع الوسيط هو الخروج من دائرة و دوامة الجدل حول إثبات هذه الوقائع والأحداث لندخل إلى قراءة ما فيها من عبر ودلالات تنير الطريق للسائرين على خطى هذه الدعوة المباركة، والمرجع المقصود هو كتاب عقيدة الشيخ محمد عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي للدكتور صالح العبود رئيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
الحدث الأول: مبايعة الناس للشيخ محمد عبد الوهاب.
ذكر الشيخ صالح العبود نقلاً عن ابن غنام ص2/ 138 ما يلي: (ولقد قبل دعوة الشيخ أناس لهم مكانتهم في بلدانهم كالأمير عثمان بن معمر .... وكلما زاد شأن الدعوة كلما تباين الناس فيه , حتى انقسموا إلى فريقين: فريق فرح بالشيخ وأحبه وأحب دعوته وعاهده على ذلك وبايعه على نشر الإسلام والقيام به .... )، وهذا كان في حريملاء التى كان رؤساؤها منقسمين فليس لهم رئيس وازع، بل حاول بعض عبيد الرؤساء قتل الإمام ابن عبد الوهاب لذلك ذهب إلى العينية عند الإمام عثمان بن معمر. كما ينبه الدكتور العبود ص139/ 2.
إذن الإمام ابن عبد الوهاب كان يبايع الناس على خدمة الإسلام والقيام به قبل أن يكون لديه تحالف مع أمير!. وهذه مسألة طالما طال حولها الجدل في الوسط السلفي من مانع مطلقاً ومن يجوزها بشروط ومن جعلها عهدا ونذرا. والمهم أن هذه سابقة في الدعوة السلفية أخذت البيعة فكيف نتعامل معها وندرسها وهل هي صواب أم خطأ؟!
الحدث الثاني: تقديم بعض التنازلات في طريق الدعوة.
ذكر الدكتور العبود ص165/ 2 قصة البيعة بين الإمام ابن عبد الوهاب والإمام ابن سعود وشرط ابن سعود على ابن عبد الوهاب: ( .... والثانية أن لي على أهل الدرعية قانوناً آخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئاً .... فقال الشيخ ... وأما الثانية فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها). ثم ينقل الدكتور العبود قول المؤرخ العثيمين (أن إجابة الشيخ عن الشرط الثاني غير حاسمة، ولكن من الواضح أن الشيخ قارن بين المصلحة العامة لدعوته وبين مسألة جزئية كان واثقاً من حلها مستقبلاً بسهولة). وأظن أن هذا الموقف في السياسة الشرعية له الآن مئات المواقف المماثلة لكن لا يجرؤ العديد من الدعاة عليها بسبب الخوف من الأتباع؛ لعدم قدرتهم على فهم الظروف والملابسات، وسيبقى هذا الخوف والإحجام حتى نتمكن من تربية الشباب على سعة الأفق وأحكام السياسة الشرعية التي هي الآن من العلوم الغائبة عن مناهج التربية في الصحوة المباركة.
الحدث الثالث: تفرق كلمة أتباع الشيخ سبب زوال دولتهم في الدور الثاني:
نقل الدكتور العبود ص 2/ 289رسالة العلامة عبد الله بن عبد اللطيف التي وجهها إلى المشايخ وكان الإخوان من طلبة العلم يحذرهم فيها من تفتت كلمتهم وتفرقهم عن إمامهم فقال (إنها فتنة عم شرها وطار شررها وتفرق الناس فيها أحزاباً وشيعاً ما بين ناكث لعهده قالع لبيعة إمامه بغير حجة ولا برهان بغضاً للجماعة ومحبة للفرقة والشناعة وبين مجتهد لما رأى إمامه صدر مكاتبة للدولة وبين واقف عند حده يلوح بين عينيه إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان والرابع ضعيف العنان خوار الجنان مع هؤلاء تارة ومع الآخرين تارة يتبع طمعه وكل فرقة من هذه الفرق تضلل الأخرى وتفسقها أو تكفرها بل وتنتسب إلى طالب علم تأتم به وتقلده وتحتج بقوله عياذاً بالله والمعصوم من عصمة الله ... )
ويكاد الشيخ يتحدث عن حالنا اليوم وللأسف! ثم يقدم الحل فيقول: (فاستأنف النهار يا ابن جبير قبل أن تنفرج ذات البين بينكم معشر العلماء ويضل بعضكم بعضاً أو يفسقه أو يكفره فتكونوا بذلك فتنة لجاهل مغرور أو ضحكة لذي دهاء وفجور تستباح بذلك أعراضكم ولا ينتفع بعلمكم فاعقدوا لكم محضراً و لو طال منا ومن بعضكم لأجله سفر للنظر فيما يصلح الإسلام وتقوم به الحجة ولو لم يعمل به عامل تسدوا بذلك عنكم باب الفرقة ... ). فهل هناك اليوم من يسمع هذه النصيحة ويطبقها بالدعوة للقاء العلماء وطلبة العلم والتناصح والتشاور قبل فوات الأوان!!.