حدثني المثنى قال حدثنا عارم أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا شعيب قال حدثني إبراهيم بن أبي حرة الجزري قال: سأل فتى من قريش سعيد بن جبير فقال له: يا أبا عبد الله كيف تقرأ هذا الحرف فإني إذا أتيت عليه تمنيت أن لا أقرأ هذه السورة: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قال: نعم حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا
قال: فقال الضحاك بن مزاحم: ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكأ لو رحلت في هذه إلى اليمن كان قليلا.
وقال أبو حامد الأسفراييني شيخ الشافعية لو رحل أحد إلى الصين ليحصل تفسير ابن جرير لم يكن ذلك كثيرا عليه
وفي بدائع الفوائد لابن القيم:
وأما الجواب عن تعلق الذكر والتسبيح المأمور به بالإسم فقد قيل فيه إن التعظيم والتنزيه إذا وجب للمعظم فقد تعظم ما هو من سببه ومتعلق به كما يقال سلام على الحضرة العالية والباب السامي والمجلس الكريم ونحوه وهذا جواب غير مرض لوجهين
أحدهما أن رسول الله لم يفهم هذا المعنى وإنما قال سبحان ربي فلم يعرج على ما ذكرتموه
الثاني أنه يلزمه أن يطلق على الإسم التكبير والتحميد والتهليل وسائر ما يطلق على المسمى فيقال الحمد لاسم الله ولا إله إلا اسم الله ونحوه وهذا مما لم يقله أحد بل الجواب الصحيح أن الذكر الحقيقي محله القلب لأنه ضد النسيان والتسبيح نوع من الذكر فلو أطلق الذكر والتسبيح لما فهم منه إلا ذلك دون اللفظ باللسان والله تعالى أراد من عباده الأمرين جميعا ولم يقبل الإيمان وعقد الإسلام إلا باقترانهما واجتماعهما فصار معنى الآيتين سبح ربك بقلبك ولسانك واذكر ربك بقلبك ولسانك فأقحم الإسم تنبيها على هذا المعنى حتى لا يخلو الذكر والتسبيح من اللفظ باللسان لأن ذكر القلب متعلقه المسمى المدلول عليه بالإسم دون ما سواه والذكر باللسان متعلقه اللفظ مع مدلوله لأن اللفظ لا يراد لنفسه فلا يتوهم أحد أن اللفظ هو المسبح دون ما يدل عليه من المعنى وعبر لي شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه عن هذا المعنى بعبارة لطيفة وجيزة فقال المعنى سبح ناطقا باسم ربك متكلما به وكذا سبح اسم ربك المعنى سبح ربك ذاكرا اسمه وهذه الفائدة تساوي رحلة لكن لمن يعرف قدرها فالحمد لله المنان بفضله ونسأله تمام نعمته
بدائع الفوائد
وفيه أيضا:
وأما قوله تعالى ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام فإن الآية سيقت لبيان أن أشجار الأرض لو كانت أقلاما والبحار مدادا فكتبت بها كلمات الله لنفدت البحار والأقلام ولم تنفد كلمات الله فالآية سيقت لبيان الملازمة بين عدم نفاد كلماته وبين كون الأشجار أقلاما والبحار مدادا يكتب بها فإذا كانت الملازمة ثابتة على هذا التقدير الذي هو أبلغ تقدير يكون في نفاد المكتوب فثبوتها على غيره من التقادير أولى
ونوضح هذا بضرب مثل يرتقى منه إلى فهم مقصود الآية
إذا قلت لرجل لا يعطي أحدا شيئا لو أن لك الدنيا بأسرها ما أعطيت أحدا منها شيئا فإنك إذا قصدت أن عدم إعطائه ثابت على أعظم التقادير التي تقتضي الإعطاء فلازمت بين عدم إعطائه أسباب الإعطاء وهو كثرة ما يملكه فدل هذا على أن عدم إعطائه ثابت على ما هو دون هذا التقدير وأن عدم الإعطاء لازم لكل تقدير فافهم نظير هذا المعنى في الآية وهو عدم نفاد كلمات الله تعالى على تقدير أن الأشجار أقلام والبحار مداد يكتب بها
فإذا لم تنفد على هذا التقدير كان عدم نفادها لازما له فكيف بما دونه من التقديرات فافهم هذه النكتة التي لا يسمح بمثلها كل وقت ولا تكاد تجدها في الكتب وإنما هي من فتح الله وفضله فله الحمد والمنة ونسأله المزيد من فضله
فانظر كيف اتفقت القاعدة العقلية مع القاعدة النحوية وجاءت النصوص بمقتضاهما معا من غير خروج عن موجب عقل ولا لغة ولا تحريف لنص ولو لم يكن في هذا التعليق إلا هذه الفائدة لساوت رحلة فكيف وقد تضمن من غرر الفوائد ما لا يتفق إلا على تجارة وأما من ليس هناك فإنه يظن الجوهرة زجاجة والزجاجة المستديرة المثقوبة جوهرة ويزري على الجوهري ويزعم أنه لا يفرق بينهما والله المعين
بدائع الفوائد
وفيه أيضا:
وإعراض وهجر جميل فقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين وكان رفع السلام متعينا لأنه حكاية ما قد وقع ونصب السلام في آية الفرقان متعينا لأنه تعليم وإرشاد لما هو الأكمل والأولى للمؤمن أن يعتمده إذا خاطبه الجاهل فتأمل هذه الأسرار التي أدناها يساوي رحلة والله تعالى المحمود وحده على ما من به وأنعم
وفيه أيضا
وقد ذكرنا بعض ما في هذه الآية من الأسرار والحكم العجيبة في كتاب تعظيم شأن الصلاة والسلام على خير الأنام وأتينا فيه من الفوائد بما يساوي أدناها رحلة مما لا يوجد في غيره ولله الحمد فنقتصر على هذه النكتة الواحدة فصل تقديم السلام على النبي في الصلاة قبل الصلاة عليه
بدائع
وفي مفتاح دار السعادة لابن القيم
قال أبو اسحاق قال على رضي الله عنه: كلمات لو رحلتم المطي فيهن لأفنيتموهن قبل أن تدركوا مثلهن لايرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه ولا يستحيي من لاي علم أن يتعلم ولا يستحيي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم واعلموا أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الراس ذهب الجسد وإذا ذهب البصر ذهب الإيمان.
مفتاح دار السعادة
وقال ابن حجر:
وفي أحاديث اللعان من الفوائد غير ما تقدم أن المفتي إذا سئل عن واقعه ولم يعلم حكمها ورجا أن يجد فيها نصا لا يبادر إلى الاجتهاد فيها وفيه الرحلة في المسألة النازلة لأن سعيد بن جبير رحل من العراق إلى مكة من أجل مسألة الملاعنة
الفتح (9
462)
ومن ذاكرتي أن الشيخ عبد الفتاح أبو غدة غفر الله له ذكر في تحقيقه لكتاب الكشميري عن أحاديث المهدي - الكتاب لا تطاله يدي - فائدة قال فيها تساوي رحلة أظنها في خالد بن الوليد رضي الله عنه وفي تسميته بسيف الله.
¥