تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف تقيد الفوائد أثناء القراءة؟]

ـ[عبدالإله الشايع]ــــــــ[21 - 06 - 03, 01:03 م]ـ

قال ابن منظور في لسان العرب: " الفائدة ما استفدته من علم أو مال وجمعها الفوائد وهما يتفاودان العلم أي يفيد كل واحد منهما الأخر ".

إن من ثمرات قراءة الكتب تقييد الفوائد، حتى ذكر الكثير من أهل العلم أن قراءة الكتب قد لا يتحقق منها الفائدة المرجوه إلا بتقييد هذه الفوائد.

قال عبدالسلام هارون –رحمه الله -: " فإن الحكيم العربي كان يقول وقوله حق: (العلم صيدً والكتابة قيد. وإذا ضاع القيد ذهب الصيد)

وكثيراً ما يقرأ الإنسان شيئاً فيعجبه، ويظن أنه قد علق بذاكرته، فإذا هو في الغد قد ضاع منه العلم، وضاع معه مفتاحه، فانتهى إلى حيرة في استعادته واسترجاعه ".

ولكن يبقى السؤال المهم ألا وهو:

ما الفوائد التي ينبغي تقييدها عند قراءة الكتب؟

وكيف يتم تقييد هذه الفوائد؟

وأين تقيد هذه الفائدة؟

وما ذا بعد تقييد هذه الفوائد؟

وسأحاول الإجابة على هذه الأسئلة المهمة حسب الوسع والطاقة.

ففيما يتعلق بماهية الفوائد، فقد ذكر بعض أهل العلم ما ينبغي تقييده من الفوائد.

قال ابن جماعة –رحمه الله – فيما ينبغي لطالب العلم: " إذا شرح محفوظات، وضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات، انتقل إلى بحث المبسوطات، مع المطالعة الدائمة، وتعليق ما يمر به أو يسمعه من الفوائد النفيسة والمسائل الدقيقة والفروع الغريبة، وحل المشكلات والفروق بين أحكام المتشابهات من جميع أنواع العلوم، ولا يستقل بفائدة يسمعها، أو يتهاون بقاعدة يضبطها، بل يبادر إلى تعليقها وحفظها ".

وقال الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله – في الفوائد التي ينبغي تقييدها: " الفوائد التي لا تكاد تطرأ على الذهن، أو التي يندر ذكرها والتعرض لها، أو التي تكون مستجدة تحتاج إلى بيان الحكم فيها، هذه اقتنصها، قيدها بالكتابة لا تقول هذا أمر معلوم عندي، ولا حاجة أن أقيدها، فإنك سرعان ما تنسى، وكم من فائدة تمر بالإنسان فيقول هذه سهلة ما تحتاج إلى قيد، ثم بعد فترة وجيزة يتذكرها ولا يجدها، لذلك احرص على اقتناص الفوائد التي يندر وقوعها أو يتجدد وقوعها وأحسن ما رأيت في مثل هذا كتاب " بدائع الفوائد " للعلامة ابن القيم، فيه بدائع العلوم، ما لا تكاد تجده في كتاب آخر، فهو جامع في كل فن، كلما طرأ على باله مسألة أو سمع فائدة قيد ذلك، ولهذا تجد فيه من علم العقائد، والفقه، والحديث، والتفسير، والنحو، والبلاغة ".

وقال الشيخ بكر أبوزيد في " حلية طالب العلم ": " ابذل الجهد في حفظ العلم (حفظ كتاب)، لأن تقييد العلم بالكتابة أمان من الضياع، وقصر لمسافة البحث عند الاحتياج، لا سيما في مسائل العلم التي تكون في غير مظانها، ومن أجل فوائدها أنه عند كبر السن وضعف القوى يكون لديك مادة تستجر منها مادة تكتب فيها بلا عناء في البحث والتقصي ".

وبعد هذه النقول يمكن تلخيص كلام العلماء حول الفوائد التي يجدر بنا أن نُعنى بتقييدها فيما يلي:

1 - المسائل التي تكون في غير مظانها، فمن يطالع كتاباً مثل كتاب " الحيوان " للجاحظ يلاحظ أنه حوى الكثير من الفوائد في الكلام عن الكتب وفضائلها مما ليس له علاقة بموضوع الكتاب الأساس وهكذا في كثير من كتب الأعلام القدماء.

2 - الفوائد التي يندر وقوعها، أو يتجدد.

3 - الضوابط العلمية والقواعد التي يبنى عليها العديد من المسائل الجزئية.

4 - الطرائف والنوادر والقصص المعبرة.

5 - المسائل المشكلة.

6 - دقائق الاستنباطات.

7 - الفروق الدقيقة والنظائر والأشباه.

8 - الفائدة التي يتفرد بها عالم عن غيره، ولم يسبق إليها، ومثال ذلك: عند قراءة كتب التفسير، أن يذكر ابن كثير تفسير لآية، لا توجد عند غيره من المفسرين.

أما كيف يتم تقييد هذه الفوائد وأين؟

فهناك كلام نفيس لبعض أهل العلم حول هذه المسألة المهمة.

قال عبدالسلام هارون –رحمه الله -: " والباحثون، ولا سيما في أيامنا هذه، يقيدون هذه المعارف في جذاذات، يرجعون إليها عند الحاجة، ولكني سلكت طريقاً أوثق من طريق الجذاذات، هو دفتر الفهرس، وهو الذي سميته " كناشة النوادر "،أقيد فيها رءوس المسائل مرتبة على حروف الهجاء، مقرونة بمراجعها … ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير