تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يكون فيهم (يعني لا يكون فيهم كبير) فتخص هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن، أو يخص من عموم هذا الأمر بالبداءة بالكبير، أما إذا جلس بعض عن يمين الرئيس وبعض عن يساره، ففي هذه الصورة يقدم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل اهـ ومراده بتقديم الصغير والمفضول إذا كانا عن يمين الرئيس.

فالذي يتبين من السنة أنه إذا كان هناك يمين ويسار، مثل أن يكون الساقي أو الذي شرب، وأراد أن يناول فضلته أحداً بين الجالسين، فإنه يبدأ بمن على يمينه مطلقاً، أي سواء كان متميزاً بعلم أو مال أو جاه أو كبر سن، أم غير متميز.

أما إذا كان الجالسون بين يديه، فإنه يبدأ بالأكبر؛ كما في حديث أبي يعلى السابق، وكما في صحيح البخاري في: باب دفع السواك إلى الأكبر، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أراني أتسوك بسواك، فجاء رجلان، أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر منهما. قال الحافظ ابن حجر في شرحه: قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام. اهـ

وإذا كانوا كلهم عن يمينه أو عن شماله، فهل يبدأ بالأكبر؛ لأنه في هذه الصورة لا ميزة لأحدهم من حيث الميمنة، أو يبدأ بالذي يليه؛ لأنه الأقرب إليه، والقرب معتبر، وقد سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقالت: إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ فقال: (إلى أقربهما منك باباً) رواه أحمد والبخاري.

وهذا أقرب من الأول لكن لو نظر إلى ما تقتضيه الحال، فعمل به = لكان أجود.

وإنما بسطت القول في هذه المسألة؛ لأن الناس اتخذوا فيها منهجاً مخالفاً لما كانوا يعتادونه من كون الرجل إذا دخل سلم، ثم جلس حيث ينتهي به المجلس، اللهم إذا كان في الجالسين من تقتضي الحال أن يخص بالمصافحة لعلمه أو كبره أو قدومه من غيبه ونحوها، فيخصونه، واتخذوا هذا المنهج الجديد معتقدين أنه سنة يتقربون به إلى الله تعالى، وهذا يحتاج إلى دليل، وقد علمت أن ظاهر السنة خلافه.

أسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم علماً وعملاً، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة؛ إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين، و صلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه محمد الصالح العثيمين في 23/ 4/1419 هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير