تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما هي عواقب الشهوات 00؟؟]

ـ[أشرف منعاز]ــــــــ[24 - 06 - 03, 07:45 م]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إننا نعيش في عصر كثرت فيه الفتن والمغريات .. وتحكمت فيه الغرائز والملهيات .. وتنوعت فيه وسائل الإغراء والشهوات .. وتكاثرت فيه الخطايا والموبقات .. {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] فرضخ أكثر الناس لهذا الواقع الأليم .. واتبعوا أهوائهم .. وقادتهم شهواتهم إلى مقاتلهم، وأعمتهم عن مصالحهم وما فيه سعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة. {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59]. مضى هؤلاء يحتسون كؤوس اللذة من أي مصدر كان .. ويؤمّون قوافل الهوى أنى اتجهت ركائبها .. وهم يعتمدون في ذلك إما على رجاء كاذب، أو أمل بعيد لا ينتهي، أو تحيط بهم غفلة تامة لا أمل في إفاقتهم منها .. أما العقلاء من أهل الإيمان والصلاح فإنهم نظروا إلى عواقب الأمور، ولم تشغلهم البدايات عن الغايات والنهايات، فجعلوا الصبر في الدنيا مركبهم .. والعفاف قائدهم .. والتقوى شعارهم .. فتحملوا مرارة الصبر في الدنيا علماً منهم بحسن الجزاء في الآخرة .. قال تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. وهؤلاء – في الحقيقة – لم يخسروا شيئاً من الدنيا .. أما الشهوات فقد نالوها من وجوهها المباحة .. فتحكموا في أنفسهم وخطموها وزموها .. ولم يجعلوها تقودهم إلى مصارعهم كما فعل الأولون .. لعلمهم أن الصبر في الدنيا عن معصية الله أهون من الخزي والخسران والضياع يوم القيامة .. عواقب الشهوات قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة .. * فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة. * وإما أن تقطع لذةً أكبر منها. * وإما أن تضيّع وقتاً إضاعته حسرة وندامة * وإما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثلمه. * وإما أن تذهب مالاً بقاؤه خير له من ذهابه. * وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خير من وضعه. * وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذّ من قضاء الشهوة. * وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها قبل ذلك. * وإما أن تجلب همّاً وغمّاً وحزناً وخوفاً لا يقارب الشهوة .. * وإما أن تنسي علماً ذكره ألذّ من نيلِ الشهوة. * وإما أن تشمّت عدوّاً وتحزن ولياً. * وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة. * وإما أن تحدث عيباً يبقى صفةً لا تزول؛ فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق)) أرأيت – أخي الحبيب – كم هي عواقب إتباع الشهوات وخيمة، فلماذا يؤثر الناس لذة ساعة على نعيم الأبد؟ ولماذا يقبلون على المعاصي والمحرمات إقبال الأسد على فريسته وكأن لسان حالهم يقول: لذات الدنيا نقدّ .. ونعيم الآخرة نسيئة، ولا تنرك نقداً لنسيئة .. ولا يقول ذلك إلا شاك لم يستقر الإيمان في قلبه .. وهؤلاء أشر من الذي تغلبهم شهواتهم دون أن يكون لهم تأويلات باطلة .. فما أخذ المرء ما حرم عليه إلا من وجهين: أحداهما: سوء ظنه بربّه، وأنه لو أطاعه وآثره لم يُعطه خيراً منه حلالاً. والثانية: أن يكون عالماً بذلك، وأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ولكن تغلب شهوته صبره، وهواه عقله. فالأول من ضعف علمه .. والثاني من ضعف عقله وبصيرته. [الفوائد] وعلاج هذا الضعف يكون بالعمل النافع والعمل الصالح، وجهاد النفس الذي هو أشد من جهاد الأعداء. قال ابن المبارك في قوله تعالى {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 87] قال: هو جهاد النفس والهوى. وإذا كان متبع الشهوات يعتمد على جانب العفو والمغفرة وينسى جانب العقوبة، فإن العاقل ينظر إلى عظمة من عصى، يبادر بالتوبة والإنابة، ويضع نصب عينيه قوله تعالى {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]. فيحجزه ذلك عن كثرة العصيان .. ويمنعه من التعرض لحمى القوي المنان .. وانتهاك محارمه .. قال صلى الله عليه وسلم ((ألا لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه)). قال ابن الجوزي: وقد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير