تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا كان قوله ((واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) ناسخا لحديث عبادة بن الصامت الثيب بالثيب جلد مائة والرجم وكذلك لما رجم ماعزا ولم يجلده كذلك يجب أن يكون قوله (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) ناسخا لحكم التغريب في قوله (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام)

والمقصود أن هذه الزيادة لو كانت ثابتة مع النص لذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عقيب التلاوة ولنقلها إلينا من نقل المزيد عليه إذ غير جائز عليهم أن يعلموا أن الحد مجموع الأمرين وينقلوا بعضه دون بعضه وقد سموا الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الأمرين فامتنع حينئذ العمل بالزيادة إلا من الجهة التي ورد منها الأصل فإذا وردت من جهة الآحاد فإن كانت قبل النص فقد نسخها النص المطلق عاريا من ذكرها وإن كانت بعده فهذا يوجب نسخ الآية بخبر الواحد وهو ممتنع فإن كان المزيد عليه بخبر الواحد جاز إلحاق الزيادة بخبر الواحد على الوجه الذي يجوز نسخه به فإن كانت واردة مع النص في خطاب واحد لم تكن نسخا وكانت بيانا

فالجواب من وجوه:

أحدها أنكم أول من نقض هذا الأصل الذي أصلتموه فإنكم قبلتم خبر الوضوء بنبيذ التمر وهو زائد على ما في كتاب الله مغير لحكمه فإن الله سبحانه جعل حكم عادم الماء التيمم والخبر يقتضي أن يكون حكمه الوضوء بالنبيذ فهذه الزيادة بهذا الخبر الذي لا يثبت رافعة لحكم شرعي غير مقارنة له ولا مقاومة بوجه وقبلتم خبر الأمر بالوتر مع رفعه لحكم شرعي وهو اعتقاد كون الصلوات الخمس هي جميع الواجب ورفع التأثيم

بالاقتصار عليها وإجزاء الإتيان في التعبد بفريضة الصلاة والذي قال هذه الزيادة هو الذي قال سائر الأحاديث الزائدة على ما في القرآن والذي نقلها إلينا هو الذي نقل تلك بعينه أو أوثق منه أو نظيره والذي فرض علينا طاعة رسوله وقبول قوله في تلك الزيادة هو الذي فرض علينا طاعته وقبول قوله في هذه والذي قال لنا وما آتاكم الرسول فخذوه هو الذي شرع لنا هذه الزيادة على لسانه والله سبحانه ولاه منصب التشريع عنه ابتداء كما ولاه منصب البيان لما أراده بكلامه كله بل كلامه كله بيان عن الله والزيلدة بجميع وجوهها لا تخرج عن البيان بوجه من الوجوه بل كان السلف الصالح الطيب إذا سمعوا الحديث عنه وجدوا تصديه في القرآن ولم يقل أحد منهم قط في حديث واحد أبدا إن هذا زيادة على القرآن فلا نقبله ولا نسمعه ولا نعمل به ورسول الله ص أجل في صدورهم وسنته أعظم عندهم من ذلك وأكبر ولا فرق أصلا بين مجيء السنة بعدد الطواف وعدد ركعات الصلاة ومجيئها بفرض الطمأنينة وتعيين الفاتحة والنية فنينة وتعيين الفاتحة والنية فإن الجميع بيان لمراد الله أنه أوجب هذه العبادات على عباده على هذا الوجه فهذا الوجه هو المراد فجاءت السنة بيانا للمراد في جميع وجوهها حتى في التشريع المبتدأ فإنها بيان لمراد الله من عموم الأمر بطاعته وطاعة رسوله فلا فرق بين بيان هذا المراد وبين بيان المراد من الصلاة والزكاة والحج والطواف وغيرها بل هذا بيان المراد من شيء وذاك بيان المراد من أعم منه فالتغريب بيان محض للمراد من قوله أو يجعل الله لهن سبيلا وقد صرح النبي ص بأن التغريب بيان لهذا السبيل المذكور في القرآن فكيف يجوز رده بأنه مخالف للقرآن معارض له ويقال لو قبلناه لأبطلنا به حكم القرآن وهل هذا إلا قلب للحقائق فإن حكم القرآن العام والخاص يوجب علينا قبوله فرضا لا يسعنا مخالفته فلو خالفنا القرآن ولخرجنا عن حكمه ولابد ولكان في ذلك مخالفة للقرآن والحديث معا.

يوضحه الوجه الثاني أن الله سبحانه نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم منصب المبلغ المبين عنه فكل ما شرعه للأمة فهو بيان منه عن الله أن هذا شرعه ودينه ولا فرق بين ما يبلغه عنه من كلامه المتلو ومن وحيه الذي هو نظير كلامه في وجوب الاتباع ومخالفة هذا كمخالفة هذا يوضحه الوجه الثالث أن الله سبحانه أمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان وجاء البيان عن رسوله صلى الله عليه وسلم بمقادير ذلك وصفاته وشروطه فوجب على الأمة قبوله إذ هو تفصيل لما أمر الله به كما يجب علينا قبول الأصل المفصل وهكذا أمر الله سبحانه بطاعته وطاعة رسوله فإذا أمر الرسول بأمر كان تفصيلا وبيانا للطاعة المأمور بها وكان فرض قبوله كفرض قبول الأصل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير