تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه السادس أن يقال ما تعنون بالنسخ الذي تضمنته الزيادة بزعمكم أتعنون أن حكم المزيد عليه من الإيجاب والتحريم والإباحة بطل بالكلية أم تعنون به تغير وصفه بزيادة شيء عليه من شرط أو قيد أو حال أو مانع أو ما هو أعم من ذلك فإن عنيتم الأول فلا ريب أن الزيادة لا تتضمن ذلك فلا تكون ناسخة وإن عنيتم الثاني فهو حق ولكن لا يلزم منها بطلان حكم المزيد عليه ولا رفعه ولا معارضته بل غايتها مع المزيد عليه كالشروط والموانع والقيود والمخصصات وشيء من ذلك لا يكون نسخا يوجب إبطال الأول ورفعه رأسا وإن كان نسخا بالمعنى العام الذي يسميه السلف نسخا وهو رفع الظاهر بتخصيص أو تقييد أو شرط أو مانع فهذا كثير من السلف يسميه نسخا حتى سمي الاستثناء نسخا فإن أردتم هذا المعنى فلا مشاحة في الاسم ولكن ذلك لا يسوغ رد السنن الناسخة للقرآن بهذا المعنى ولا ينكر أحد نسخ القرآن بالسنة بهذا المعنى بل هو متفق عليه بين الناس وإنما تنازعوا في جواز نسخه بالسنة النسخ الخاص الذي هو رفع أصل الحكم وجملته بحيث يبقى بمنزلة ما لم يشرع البتة وإن

أردتم بالنسخ ما هو أعم من القسمين وهو رفع الحكم بجملته تارة وتقييد مطلقه وتخصيص عامه وزيادة شرط أو مانع تارة كنتم قد أدرجتم في كلامكم قسمين مقبولا ومردودا كما تبين فليس الشأن في الألفاظ فسموا الزيادة ما شئتم فإبطال السنن بهذا الاسم مما لا سبيل إليه يوضحه

الوجه السابع أن الزيادة لو كانت ناسخة لما جاز اقترانها بالمزيد لأن الناسخ لا يقارن المنسوخ وقد جوزتم اقترانها به وقلتم تكون بيانا أو تخصيصا فهلا كان حكمها مع التأخر كذلك والبيان لا يجب اقترانه بالمبين بل يجوز تأخيره إلى وقت حضور العمل وما ذكرتموه من إيهام اعتقاد خلاف الحق فهو منتقض بجواز تأخير الناسخ وعدم الإشعار بأنه سينسخه ولا محذور في اعتقاد موجب النص ما لم يأت ما يرفعه أو يرفع ظاهره فحينئذ يعتقد موجبه كذلك فكان كل من الاعتقادين في وقته هو المأمور به إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها يوضحه.

الوجه الثامن أن المكلف إنما يعتقده على إطلاقه وعمومه مقيدا بعدم ورود ما يرفع ظاهره كما يعتقد المنسوخ مؤيدا اعتقادا مقيدا بعدم ورود ما يبطله وهذا هو الواجب عليه الذي لا يمكنه سواه.

الوجه التاسع أن إيجاب الشرط الملحق بالعبادة بعدها لا يكون نسخا وإن تضمن رفع الإجزاء بدونه كما صرح بذلك بعض أصحابكم وهو الحق فكذلك إيجاب كل زيادة بل أولى أن لا تكون نسخا فإن إيجاب الشرط يرفع إجزاء المشروط عن نفسه وعن غيره وإيجاب الزيادة إنما يرفع إجزاء المزيد عن نفسه خاصة.

الوجه العاشر أن الناس متفقون على أن إيجاب عبادة مستقلة بعد الثانية لا يكون نسخا وذلك أن الأحكام لم تشرع جملة واحدة وإنما شرعهاأحكم الحاكمين شيئا بعد شيء وكل منها زائدة على ما قبله وكان ما قبله جميع الواجب والإثم محطوط عمن اقتصر عليه وبالزيادة تغير هذان الحكمان فلم يبق الأول جميع الواجب ولم يحط الإثم عمن اقتصر عليه ومع ذلك فليس الزائد ناسخا للمزيد عليه إذ حكمه من الوجوب وغيره باق فهذه الزيادة المتعلقة بالمزيد لا تكون ناسخا له حيث لم ترفع حكمه بل هو باق على حكمه وقد ضم إليه غيره يوضحه.

الوجه الحادي عشر ان الزيادة إن رفعت حكما خطابيا كانت نسخا وزيادة التغريب وشروط الحكم وموانعه وحراحق لا ترفع حكم الخطاب وإن رفع حكم الاستصحاب يوضحه.

الوجه الثاني عشر أن ما ذكروه من كون الأول جميع الواجب وكونه مجزئا وحده وكون الإثم محطوطا عمن اقتصر عليه إنما هو من أحكام البراءة الأصلية فهو حكم استصحابي لم نستفده من لفظ الأمر الأول ولا أريد به فإن معنى كون العبادة مجزئة أن الذمة بريئة بعد الإتيان بها وحط الذم عن فاعلها معناه أنه قد خرج من عهدة الأمر فلا يلحقه ذم والزيادة وإن رفعت هذه الأحكام لم ترفع حكما دل عليه لفظ المزيد تخصيص القرآن بالسنة يوضحه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير